لم
وتشمل صلاحيات أعضاء الحاجز تفتيش جميع المركبات الخاصة ومركبات النقل العام، وما تحمله من بضائع وأمتعة، بالإضافة إلى التحقيق مع المسافرين واستجوابهم. وتمتد صلاحياتهم تلك إلى حدّ مصادرة البضائع والأمتعة ومنع المرور والاحتجاز والاعتقال. وقد يطال ذلك أيا كان بذريعة الدواعي الأمنيّة.
وفي ظل التهديدات بالاعتقال العشوائي والاستيلاء على الأمتعة، بات السائقون وشركات النقل البريّ مضطرين إلى رشوة تلك الحواجز بهدف تسهيل رحلاتهم. ويشير أبو خالد، وهو أحد سائقي الأجرة، إلى أن “هذه الرُّشى تختصر عليّ ما لا يقل عن ساعتَين إضافيتَين على طريق السفر، وتجنّب المسافرين الإزعاج من قبل عناصر الحاجز”. ويضيف: “كنت أُحتجز في السيارة مع المسافرين لأكثر من نصف ساعة عند العديد من الحواجز على طريق حلب-دمشق. في خلالها، يقوم عناصر الحاجز بتفتيش أمتعة المسافرين ومساءلتهم عن أسباب ومبررات سفرهم، أو عن صلة القرابة بينهم وبين بعض المطلوبين من عائلاتهم، وأحياناً أخرى عن آرائهم السياسيّة”.
الرُّشى.. أنواع وأشكال
من جهته، يشير السائق سعيد (تحفّظ عن ذكر اسمه كاملاً) إلى أن “لكل حاجز مزاجاً خاصاً في نوع الرشوة. ومن مهام السائق الأساسيّة، معرفة نوع الرشوة المفضلة لكل واحد من الحواجز التي سيعبرها في رحلته”. ويخبر أن “جميع السائقين يقومون بتجهيز الرُّشى قبيل انطلاقهم. ويتم اقتطاع ثمنها من أجور الركاب مسبقاً”. وهي تتنوّع ما بين “علب متة وسجائر وعطورات. فعناصر الحواجز في خارج المدن يفضّلونها لعدم توفّرها في تلك المناطق، في حين لا يرضى البعض إلا بمبالغ من المال”.
هيثم الأحمد من المسافرين، الذين يضطرون خلال تنقلهم إلى عبور تلك الحواجز. يقول: “أختار شركة سفر معروفة بقيامها برشوة الحواجز. فعندما يتوقف الباص عند الحاجز، يقوم جندي بفتح الباب الخلفي للتفتيش. وما إن يعطيه معاون السائق علبة من السجائر أو المال حتى يغلق الباب ويأمرنا بمتابعة المسير”. ويضيف أن “شركات النقل التي لا تقوم بذلك، ركابها ليسوا كثراً”. ويسأل هيثم: “ما هي الدواعي الأمنيّة لنصب جميع هذه الحواجز، في وقت يمكن تمرير أي شيء عبرها مقابل المال؟”.
في الإطار نفسه، يقول السائق إياد إن “الحواجز في داخل المدن ليست أفضل حالاً”. ويشرح: “أعمل في نقل البضائع وتوزيعها على مستودعات في دمشق. تعرّضت لتهديدات بمصادرة البضائع مرات عدّة عند الحواجز، ولم أستطع التخلّص من الأمر إلا بدفع المال”. ويضيف: “أمرّ على حواجز عديدة من دون تفتيش في خلال ساعات الليل، مقابل زجاجة مشروب كحولي”.
مكاسب ضخمة
تعود الرشى على عناصر الحواجز بمبالغ ماليّة كبيرة. ويقدّر أبو أحمد أنها تصل إلى ما يزيد عن 300 ألف ليرة سوريّة شهرياً، موضحاً أن “أي حاجز على طريق حلب-دمشق يعبره ما يزيد عن مائة حافلة بولمان يومياً. وإذا افترضنا أن نصفها فقط يدفع 200 ليرة وهي التسعيرة المعتادة لهذه الحواجز، فإن عوائد الحاجز الشهريّة ستزيد عن 300 ألف ليرة، يُضاف إليها ما تتم مصادرته من المسافرين من عملات أجنبيّة بحجة منع تداولها”. يتابع: “أعمل على خط حلب-دمشق منذ أكثر من سنة، وقد لاحظت أن الجنود يفعّلون واسطات ليتمّ تعيينهم على هذه الحواجز. فهم يعلمون أنها ستدرّ المال عليهم”.
ويشتكي طلعت، وهو أحد التجار من تعرّضه للابتزاز مرات عدّة على طريق السفر. ويقول: “ما إن يعلم عناصر الحاجز بأنني تاجر وأملك المال، حتى يبدأوا بافتعال مشاكل معي ويهدّدوا باعتقالي. فألجأ إلى رشوتهم بالمال”. يضيف: “فأنا أدرك جيداً أنه في حال تم اعتقالي، سأضطرّ إلى دفع أضعاف هذا المبلغ لأخرج من المعتقل، حتى وإن لم توجّه إليّ أية تهمة”.
من جهة أخرى، يعدّ جنود النظام والمركبات العسكريّة أهدافاً لنيران الجيش السوري الحرّ في مناطق التماس. ويشير سعيد إلى أن “جنود النظام وقادته باتوا يعتمدون بشكل أساسي على مركبات نقل المدنيّين للتنقل بين الحواجز والقطع العسكريّة”.