وأهم ميزات هذه الدولة أنها تعتمد اللامركزية السياسية في إدارة وحكم البلاد .
فاللامركزية السياسية عملية قانونية يتم بموجبها توزيع السلطات التشريعية، والقضائية، والتنفيذية بين الحكومة المركزية والسلطات الموجودة في المراكز الأخرى، وينتج عن ذلك نظامٌ من الحكمِ يسمّى الاتحاد الفيدرالي حيث تكون للدولة حكومة مركزية ولكلِّ إقليمٍ حكومة ذات سلطات تشريعية، وقضائية, وتنفيذية بحسب دستور الدولة. وأقرب مثال لهذه الدولة نظام الحكم في العراق .
وتتميَّز اللامركزية السياسية من الناحية السياسية بأنها تعيقُ الانفراد والاستئثار بالسلطة، وتزيد فرص المشاركة السياسية في المجتمع، وتساهم في تعزيز الوحدة الوطنية خاصة في الدول المتكونة من قوميات، و طوائف دينية متنوعة .
ومن الناحية الاجتماعية فإن اللامركزية السياسية تزيد من مساهمة الأقاليم في مشاريع التنمية بدافع الرغبة القويّة في التقدم والمنافسة, وتُحمِّل سكان الأقاليم مسؤولية مواجهة المشاكل المحلية وإيجاد الحلول لها بصورة سريعة .
أما من الناحية الإدارية فإنها تتميز بالسرعة والكفاءة في العمل الإداري، وتحفيز العاملين من خلال إتاحة الفرص لهم للمشاركة في عمليات اتخاذ القرار .
وبالمجمل فإنّ الدولة المؤلفة من شرائح قومية، وعرقية, ودينية متعددة هي بأمسّ الحاجة إلى اللامركزية السياسية لأنّها تحقّق بها وحدتها الوطنية وتُعدُّ أفضل وسيلة لمواجهة التقسيم، والانفصال .
والسلطات القائمة على أيديولوجية دكتاتورية لا يمكنها منح اللامركزية السياسية فيها بعكس السلطات القائمة على أيديولوجيات ديمقراطية منفتحة على شعوبها .
وكلما زاد الوعي السياسي زادت الرغبة لدى الشعوب بالمشاركة السياسية، إضافة إلى أن تعدد الثقافات، والمعتقدات الدينية, والمذهبية، والتوسع الجغرافي وتشتته يدعو إلى استخدام نظام اللامركزية السياسية للإفادة من قوى تضم هذه التعددية .
أما بالنسبة للمجتمع السوري بمختلف أطيافه بشكل عام وبالنسبة للكرد كثاني مكوّن قومي عدداً؛ فإن الحاجة باتت ماسة أن تتحول سوريا من دولة يحكمها نظام دكتاتوري استبدادي مركزي إلى دولة ديمقراطية تعددية اتحادية تتوسّل اللامركزية السياسية نظاماً لحكمٍ يتولى حلّ مختلف قضايا شعوبه المتراكمة منذ عقود وحتى يومنا هذا الذي تكاد فيه هذه الشعوب أن تفقد بوصلة النجاة من جحيم الاستبداد، والقتل, والإرهاب، وإلغاء الآخر .
المحامي فاضل موسى