منذ اندلاع الثورة السوريَّة ظهرت أغاني نُظِّمَت على نحوٍ سريع كي تُغَنّى في المظاهرات فبرز ( إبراهيم قاشوش )و( عبد الباسط ساروت ) اللذان حاولا كتابة كلامٍ يدلُ على الظلم وعلى القتل … ثم ظهرت أغنية للفنان ( سميح شقير ) المشهورة ( يا حيف ) ثم لتظهر بعد ذلك أغانٍ كثيرة تتحدَّث عن الثورة السوريَّة والتي كانت ولازالت تُغَنَّى في المظاهرات وتؤدَّى عبر مكبرات صوت عاديَّة ودونما موسيقى … لتبقى أيقوناتٍ للثورة السوريَّة.
هل نجحت الأغنية في تأريخ الثورة السوريَّة ؟ الأغاني التي كانت تُغَنَّى في المظاهرات إلى أي مدى نجحت في إبراز الألم السوري؟
سؤال توجهنا به إلى فئات شبابيَّة متنوِّعَة عبر الفايسبوك حيثُ التجمع الثوري الأكبر … تجمُّع ثوري بشكل مختلف:
سوار ملا:
في ظلِّ هذه المدة التي تحضن مجريات الثورة السوريَّة,نجد بين الفينة والأخرى جُرعة نقيَّة من الأغاني الثوريَّة التي تنبع من وجدان السوريّ وتُساهم في التعبير عما يجري من انتهاكات للإنسانيّة بذاتها على أرض الوطن سوريا في خضم هذه الثورة المُشتعلة,ولعل من أهمّ الفنانين المؤرخين لهذا الاشتعال النبيل لكبت سوريا الفنان الفيَّاض -سميح شقير- الذي أشبَع ظمأ الثوّار بأغانيه التي لا تقل قيمةً عن أيّ حدثٍ انتفض في وجه الذل المقيت.
وإضافة إليه هناك المزيد من الشخصيّات الشعبيّة التي غنَّت في خضم هذه الثورة لتُرسِّخ بصوتها ما شاهدَت من فظائع وبطولات.
وأقرَب الشواهد لذهني هذه اللحظة من الأصوات التي نسخَت أنين شعب طال قمعه, الرياضي النقي عبد الباسط ساروت الذي أغنى بصوته الشجي المليء بعنفوان الثورة في حمص آذان العالم بكلّه,والشهيد_القاشوش_ الذي ضحَّى بعمره الشاب حينما سطَّر بصوته ما تحمّله بواطن السوريين في مدينة حماة حيث الوجَع في أوجه.
وهناك العديد من الأصوات التي خرجت ولا تزال من صميم السوريين على اختلاف أجناسهم و أعمارهم كي تملأ فراغات الهواء في البلاد بتعابيرها الفوّاحة حبَّاً للبلاد ذاتها.
وساهمَت هذه الأغاني النابعة من صدور أطفال و شباب ونساء سوريا في أن تكوّن صورة زاهيّة عن الحال المُعاش ضمن أسوارها حيث يرقد الموت.
عبيدة قطيني:
كانت محفزة للنهوض ضد الطاغية الشرقي ولم تحكي قصص آلمة بالشكل المطلوب.
تسنيم الخطيب:
لم اشعر أنها تتكلم عن الشعب,لم تُرفَع شعارات تمثلنا,كل الأغاني تتمحور حول رحيل الأسد, والرحيل ليس هدفنا بل هي وسيلتنا لنحقق الذي نريده ونبتغيه, الثورة السورية كان عليها أن تنجب ملايين يشبهون أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام ولكن ليس هذا ما يحصل, الأغنية يجب أن تأجج وتعطي نَفَسَاً قوياً على الحياة,عليها أن تخاطبني عوضاً عن مخاطبة النظام.
بلال الناصري:
للأسف لم تنجح الأغنية الثورية في توصيل حجم الألم إلي, الصورة أقوى, والجدير بالذكر أن الأغاني عن الثورة السورية لم تصلني إلا من المنشد ( يحي حوا ) والمنشدين الإسلاميين فقط.
أفين إبراهيم:
ثورة أغانيها من دم ودموع وحرقة قلب الأمهات من المؤكد بأن أغانيها باقية كحنجرة قاشوش التي مازالت تغني تحت التراب. وحدة الصوت يبقى المهم أن نعي أين نطلق أصواتنا ومع أي رياح نشيعها.
حضرتني الذاكرة لشفان برور الأب الروحي للكردايتي, الذي خصًب خيالي منذ الصغر .
هكذا أراه, أي شفان, لأنه أجاب على أسئلتي الكبرى, التي ما كان والداي ليجرؤا الإجابة عليها في زمن القمع .
و كان برور وفياً لسوريتي حين غنى عن حمزة الخطيب , و ثورة الحرية. فجاءت أروع روائعه ” خاين يللي بيقتل شعبو “, أغنية ” يا حيف”.
هذان الفنانان لهما نكهة خاصة لدي و كلاهما لم يخيبا أملي.
أما سميح شقير كنت في سن الصبايا أشعر بالعزة و الفخر عندما أسمع أغنيته ” لي صديق من كردستان”
أما الآخرون ربما أبتدعوا كثيراً, و لكني لأعلق على من أثر في و تغلغل في وجداني .
صبيحة خليل:
اعتقد أن الأغنية الثورية مرت بمراحل عديدة مع تصاعد الحالة الثورية التي كان الشعب السوري يعيشها ففي البداية كانت تقتصر على الأمجاد الغابرة للشعب العربي وبطولاتهم من معارك خاضوها ضد الاحتلال الأجنبي لبلادهم ومن ثم تطورت إلى الأغاني التي تجرد النظام من كل إنسانية من خلال إظهار الحالة الدموية التي يتمتع بها النظام من خلال التنكيل بالشعب السوري من ارتكاب المجازر وقتل الأطفال ولعل خير من غنى في هذا المجال سميح شقير وبلبل الثورة قاشوش الذي فقد حنجرته نتيجة بطش النظام . / / وكان للكورد أيضا مشاركة واسعة في هذا المجال من خلال ما غناه شفان برور وبرادر وغيرهم الكثير لإظهار حالة التآلف والتآخي بين مكونات الشعب السوري والسؤال الذي يفرض نفسه هل نجحت الأغنية الثوري في تأريخ الألم السوري؟ اعتقد جازما نعم لقد نجحت لأن الجميع أطفال ونساء وشيوخ لا يلبثون صباحا مساء حيث يصدح حناجرهم بهذه الأغاني الثورية في كل جمعة وكل يوم يخرج فيه الجماهير للتظاهر حتى أصبحت شعارات ينادي بها الأطفال في الشوارع وفي المدارس وفي كل مكان .
شيراز خليل:
لا, الأغاني لم تنجح في تأريخ الألم السوري, لأن الثورة بدأت دون تخطيط لها والأغاني ليست سوى للذين ينقادون وراء عواطفهم, يقول تشي غيفارا ” الثورة يخطط لها عقلاء ويقودها المجانين ويتمتع بها الجبناء ” فلو أن الأغاني هي التي كانت تقود الثورة فَلِمَ السلاح ؟
زاهدة رشكيلو :
الأغنية هي رمز حضاري للثورة و مواجهة القمع والقتل بشكل سلمي و حضاري.
براهيم جازو :
بصراحة لم أجد في الأغاني تأريخ للثورة، لكني وجدت فيها الكثير من الأماني السورية و الأحلام و الحديث عن روح المحبة و كذلك الإصرار على الحرية
الأغاني كانت هامة بالنسبة لي فبعد أيام من بدء الثورة بدأت الأغاني بالظهور بشكل عفوي و محلي. قاشوش مثلا كان له الأثر الكبير في الثورة صوته رائع و كلماته كانت فيها روح المرح كما أنها كانت واقعية
فمثلا كان الموالون يهددون ببدلة ماهر الأسد (ماهر هدد بالبدلة) هكذا تأتي كلمات الأغاني من الواقع لكنها في نفس الوقت تكشف واقع النظام و المواليين له و فداحة هكذا تهديد لكنه مضحك في الوقت نفسه.
هناك أغاني بالطبع ساهمت في تأريخ الثورة لكن ليس على ذلك المستوى فمثلا كل تلك الأغاني لا تقارن مع مقاطع الفيديو التي تعد بالآلاف و هي توثق القصف و صور الدمار و الشهداء و الجرحى.
الأغاني أظهرت الكثير من الألم لكنها في نفس الوقت كانت ذات روح تفاؤل. الأغنية السورية تشبه الشعب السوري فيها المرح الدائم رغم الألم (جنو جنو البعثية لما طلبنا الحرية )
الأغاني الثورية عرفتنا بالجغرافيا السورية أيضا من خلال مدح تلك المدن و البلدات الصغيرة المنسية من تاريخ البعث السوري في الثورة السورية تختلط الأغنية مع الشعارات و الشعر المحلي و بالطبع النكتة موجودة بشكل شبه مستمر. المادّة منشورة في جريدة نودم.