مراهقات يحاولن الانتحار؟

خُطبت إسراء عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، إلى أستاذها في معهد الكمبيوتر في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان.
كانت سعيدة بذلك، رغم أنّه يكبرها بـ10 سنوات. لكنّ تلك السعادة لم تستمر أكثر من أشهر قليلة، لتبدأ بعدها معاناتها. تقول إنّ والدة خطيبها كانت تغار منها كثيراً، وتنتقد كلّ تصرفاتها. وهو ما أسس  إلى إثارة مشاكل بينها وبين خطيبها، انتهت بامتناعها عن الطعام، وأدت إلى هبوط مفاجئ في وزنها. ووصل الأمر إلى عزلتها وإصابتها بالكآبة. وهو ما أدى بها إلى محاولة الانتحار، من خلال تناول جرعة كبيرة من الأدوية، بعد فسخ خطوبتها. لكن تم إنقاذها في المستشفى وعلاجها.
من جهتها، كانت ليال في المدرسة عندما أحبّت “معتوهاً” كما تسمّيه. لم تكن تتوقع أنّه سيتركها بعد حين، عندما بدأت ممارسة الجنس معه لفترة طويلة. بل لم تكن تتوقع أنّه سيرفض معاشرتها حتى. لكنّ هذا ما حصل، فقد أبعدها يوماً بالقول: “لقد اكتفيت منك، ولم أعد أرغب بك”.
تقول الفتاة: “هنا انقلبت حياتي رأسا على عقب، وصرت أفرغ غضبي في تعاطي المخدرات. وبتّ أقدم جسدي لأيّ شاب أصادفه”. كما فكرت كثيراً في الانتحار.
من جهته، يقول المعالج النفسي جان داود المتخصص في علاج الأزمات، إنّ ما يحصل للفتيات في مثل هذه الحالات “يتعلق بأسباب اجتماعية بسيطة، تنم عن جهل وعدم وعي. فالانتحار له تعاريف وتفسيرات مختلفة. وهو باختصار حالة إفلاس لدى الإنسان. وهو إفلاس فكري بالدرجة الأولى، يتبع بإفلاسات أخرى: عاطفية، واجتماعية، ونفسية، ومادية”.
ويشير داود إلى أنّ حالات الانتحار ومحاولة الانتحار التي ظهرت في مخيم عين الحلوة “تظهر بوضوح أنها غير ناتجة عن أزمات كبيرة تستوجب ذلك”. ويشير في المقابل إلى أنّ “المراهقين ينقصهم الوعي الاجتماعي. وأثبتت دراسة الحالات التي مرت معنا أنّ انقطاع التواصل مع المراهقات أدى إلى تفكيرهن في الانتحار”.
ويضيف أنّ “المطلوب هو حملات توعية بسيطة في المخيم، يمكن للمؤسسات الأهلية القيام بها، بالتعاون مع المدارس”. ويتابع أنّ مثل هذه الحملات “لا تحتاج إلى تكاليف. فبالإمكان تخصيص معلمة أو مختصة في علم النفس للاستماع إلى الطالبات وتوعيتهن، وتوسيع مداركهن بخصوص تخطي التحديات اليومية التي يمر بها كل إنسان”. كما يقول داود: “من جهتي، أشدد المطالبة بالذهاب إلى بيوت المراهقين والمراهقات في المخيم، من أجل توعية الأهل أولاً قبل الأبناء”.