من يلفت انتباه الغيم؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

)بادية واسعة… حنجرة ضيقة(

 

أيمن الأحمد/الحسكة

   هَذا البدويُّ الذي يمشِي في صمتِي، عصيٌّ على التَّرويضِ، أسمعُ وقعَ خطاه في حنجرَتِي، هذا الصَّامتُ يمسحُ غبارَ المعنَى بحدسِهِ، هو دائماً مغمض ُالعينينِ، لكنَّ لأصابعِهِ حاسَّةٌ لا تدركُهَا إلاَّ أشياؤُهُ المجنونةُ، وهو يستدرجُ بمكرِ الرِّيحِ لغتَهُ إلى الهاويةِ، ثمَّ يعيدُ ترتيبَ بياضِهِ …

لا جهةَ للرِّيحِ أيُّها الأصدقاءُ،

كذبةٌ هي الخريطةُ التي علمُونَا إيَّاها في المدارسِ، المسافةُ أبعدُ بينَنَا :

الجبلُ أبعدُ ،

البحرُ أعلَى،

والنَّهرُ أضيَقُ …

وما تبقَّى من الغيمِ في جيوبِ الغيابِ ليسَ لنَا .

ذاكَ الجبلُ ،

ذاكَ البحرُ ،

ذاكَ النَّهرُ ..

وهذا الغيمُ الغائبُ ليسَ لنا

إنَّها هواجسُ الآخرينَ، في حواسِنَا المذعورة .

كلُّ ما تشكِّلُه السَّماءُ ليسَ لنا..

كلُّ ما تُنْبِئُهُ السَّماءُ ليسَ لنا…

لا مطرَ يحتوي قيحَ هذا اليباسِ،

لذا كانتِ البريَّةُ التي في عيونِكم …. أضيقَ من صمتي!

-2-

هذا الأنا الغارقُ بالغموض ،

سيلوِّنُ أصابعي بما يتساقطُ من عيونِ الحدس

ويعلِّقُ على قلبي حكمةً :

” إن خفتَ …

اعصرْ ملامحَ روحِكَ بأصابعِك ،

انشرها على حبلٍ مكشوفٍ :

للسماءِ ..،

وللطيورِ،

ولظلالِ الغيمِ الماطرِ ،

ثم دُسَّ أصابعَك في ترابٍ طاهر”.

-3-

لا صوتَ يستدرجُ حناجرَنا

فإلى أيِّ نارٍ سيأخذُنا الكلام

وإلى أي صحوٍ سيرمينا قلقُ أصابعِنا

فأعوذ بالصوتِ الغائبِ من حناجرِنا

أعوذُ بالصوتِ الغائبِ من خناجرِنا.

-4-

حنجرتي قربَ نافذةٍ مكسورة..

–         ماذا يهمُّ من النوافذِ عبورُها أم إغوائُها ؟

والنوافذُ تشي بالحنين

والحنينُ حالةُ ارتباٍك مُضمَرٍ في الحنجرة

شاعرٌ يتدلَّى في الصوت …

ليسقط في سماء الأسئلة :

–         كيفَ يمتزجُ الصوتُ بالماء ؟

الماءُ ينقلُ طعنةَ الصوتِ

والماءُ لا ينقلُ رعشةََ الصوتِ المخنوقِ

–         أيُّهما عانقَ الترابَ أولاً …

الصرخةُ أم أنوثةُ الماء ؟

الصرخة !!

–         ما الصرخة ؟

تعالوا فُكُّوا حصارَ حنجرتي .