ونقصد بالثقافة التغييرية ثقافة الكتلة الاجتماعية التي تقود بالتغيرات العميقة والفاعلة في بنية المجتمع والمثقف له دور كبير فيها ،لأن دوره تنويري أي التهيئة الأرضية المناسبة للتغيير التي هي مهمة جماعية أو اجتماعية ، لأنه لا تغيير حقيقي دون استلهام فكر أو ثقافة ينتجها الفرد المثقف ،وهذا يصنع الاستنارة ،أو التنوير الذي أدى في مراحل تاريخية عديدة إلى تحريك المجتمعات من أجل تغيير واقعها وصناعة واقع جديد ،والقادة الكبار سواء كانوا سياسيين أو مفكرين هم مثقفين كبار ،فالقائد السياسيّ مثقف أو مفكر عملي يحوّل أفكار المثقف أو المفكر النظري إلى واقع عملي وحراك اجتماعي وهنا بيت القصيد ، أي أن المثقف هو رافعة لتغيير الواقع نحو آفاق أكثر تجديداً ورقيا وهنا نستشهد بكلام المفكر “ادوارد سعيد “:وفي الواقع ليس المثقف حسب فهمي للكلمة شخصاً ينزع إلى تهدئة الأوضاع ،وهو ليس معززاً للاجتماع ،بل هو شخص يرهن وجوده ، للإحساس النقديِّ وهو إحساس يشي بعدم تقبل الصيغ السهلة أو الأفكار الجاهزة ,أو البراهين الناعمة ،الملائمة تماماً لما تقوله الجهات القويّة ،أو التقليديّة وما تفعله ولا أقصد هنا عدم الرضا السلبي ، بل الاستعداد الفعَّال لقول ذلك على الملأ ولا يتعلق الأمر على الدوام بنقد السياسات الحكومية ،بل التفكير برسالة المثقف بوصفها تتمثل في الحفاظ على حالة من التنبه الدائم ،من الاستعداد الثابت لعدم ترك أنصاف الحقائق توجه المرء في حياته “هذا يؤكد على إنّ المثقف يجب أن يكون واسع المعرفة وذلك يجب عليه عدم المهادنة ، وسعة المعرفة هذه يجب توظيفها في المجتمع من أجل حقن الذاكرة الجمعيّة للمجتمع نمن أجل استعادة نشاطها وزعزعة القيم السلبيّة ،من خلال كشف التناقضات في الخطاب السائد ،وبيان زيف بعض الممارسات الاجتماعيّة والمسالك الذهنيّة ،التي أصبحت بحكم العادة حقائق وثوابت وهذا ما يؤدي إلى إعاقة التطّور المجتمعيّ ، “لأنّ الشيء الثابت الوحيد في الحياة هو إنّ الحياة في تغير دائم “لذلك عندما يظهر المثقف عدم صوابية تلك الثوابت وممانعتها لصيرورة التقدم في الحياة تاليا يدفع المجتمع إلى إعادة ترتيب أفكاره ومن ثم تغيير مواقفه وتجديدها تجاه كافة القضايا والأحداث المتعلقة بواقعه وتاليا الوصول إلى التغيير المنشود الذي يبشّر بمستقبل أفضل في جميع المجالات.