شارك القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في لقاء الهيئة الاستشارية لدعم لجنة التفاوض في شمال وشرق سوريا والذي عُقد في مدينة الطبقة، وضمّ وجهاء وشيوخ العشائر، ورجال وعلماء الدين، وممثلي المجتمع المدني. وألقى عبدي كلمة عبر تقنية الاتصال المرئي (زووم)، تناول فيها أبرز المستجدات والتطورات السياسية والعسكرية على الساحة السورية.
وفي مستهل كلمته، رحّب عبدي بالمشاركين، مؤكداً الدور المحوري الذي تضطلع به النخب الاجتماعية والدينية والمدنية في تعزيز الحوار المجتمعي، وترسيخ مبدأ التشاركية، وصون السلم الأهلي، ولا سيما في ظل المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.
وأشار القائد العام إلى أن الهدف الأساسي من الاتفاقية الموقعة مع دمشق يتمثل في حل المشكلات السورية عبر الحوار وفي أجواء سلمية، بعيداً عن العنف، وبما يضمن وحدة الأراضي السورية. وأكد التزام قوات سوريا الديمقراطية ببنود الاتفاقية، موضحاً أن الحوار مع دمشق لم يتوقف، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، رغم الخروقات التي تحدث أحياناً، مع السعي المستمر لإحراز تقدم.
وأوضح عبدي أن الأشهر الماضية، وبالمقارنة مع شهر آذار، شهدت تطورات ملحوظة في مسار الحوارات مع دمشق، معرباً عن تفاؤله بإمكانية تحقيق تقدم في المستقبل القريب. وبيّن أن الملفات الأمنية والعسكرية، والمعابر الحدودية، والثروات الباطنية، هي ملك للشعب السوري ويجب أن توزع بشكل عادل.
وأضاف أن هناك صيغة تفاهم مشترك يجري العمل عليها في ملفات الدمج الأمني والعسكري، بما يضمن استقرار وأمن المنطقة، واستمرار مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن اجتماعات جديدة ستُعقد مع دمشق خلال الفترة المقبلة لمتابعة مناقشة هذه الملفات، على أن يتم الإعلان المشترك عن أي اتفاق يتم التوصل إليه.
وفي رده على أسئلة المشاركين بشأن ما يُتداول عن انتهاء الاتفاقية مع نهاية العام، أوضح عبدي أن الاتفاقية الموقعة مع الرئيس السوري أحمد الشرع لم تحدد موعداً زمنياً لإنهائها أو للعودة إلى الحلول العسكرية، مؤكداً أن وقف إطلاق النار لم يُربط بنهاية العام، وأن الجهود لتطبيق الاتفاقية ستستمر، بدعم من أطراف محلية وإقليمية ودولية حريصة على تنفيذ بنودها بالكامل.
وأكد عبدي، تعليقاً على مداخلة أحد الأعضاء حول مقولة إن «الدم السوري على السوري حرام»، أن نبذ خطاب الكراهية يُعد أحد أهم بنود اتفاقية آذار. وأشار إلى أن هناك جهات داخل سوريا استفادت من الحرب التي استمرت 14 عاماً، ولا تزال تعمل على تأجيج الصراع، داعياً الوجهاء والشيوخ والمثقفين وممثلي المجتمع المدني والأهالي إلى نبذ هذا الخطاب، وتبني الحوار الإيجابي والبناء، والتركيز على أن البلاد أنهكتها الحرب ولم تعد تحتمل مزيداً من الدمار.
وأوضح القائد العام أن من أبرز القضايا التي تتطلب حلولاً جذرية في سوريا تلك المتعلقة بالدستور، بما يشمل شكل الحكم والدولة، والحريات الأساسية، والتشاركية في السلطة، وهي ملفات تحتاج إلى حوارات معمقة بين جميع السوريين، وترتبط بالمرحلة الانتقالية. وإلى حين تحقيق ذلك، أشار إلى إمكانية اتخاذ خطوات عملية لدمج المؤسسات السورية تحت مظلة دولة جامعة لكافة مكوناتها.
وفي هذا السياق، شدد عبدي على أن رؤية قوات سوريا الديمقراطية تقوم على ضرورة اعتماد اللامركزية، بما يضمن تقاسم الصلاحيات بين المركز والمحافظات، والابتعاد عن المركزية الشديدة التي سادت خلال العقود الماضية، مع إدارة المناطق بصورة ديمقراطية تضمن مشاركة أبنائها في القرار.
وحول عودة المهجّرين من مناطق عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، أوضح عبدي أن هناك اتفاقاً مبدئياً جرى التوصل إليه مع السيد الشرع في أول اجتماع جمعهما في دمشق، إلا أن عوائق عدة لا تزال تحول دون إحراز تقدم سريع في هذا الملف. وأكد وجود رغبة شعبية واسعة في العودة الكريمة، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب توفير ضمانات حقيقية لسلامة العائدين، لافتاً إلى أن الجهود المبذولة لم تثمر حتى الآن عن تحقيق هذا الهدف قبل نهاية العام.
وفيما يتعلق بإمكانية فشل المفاوضات مع دمشق، أكد عبدي أن هذا السيناريو غير وارد، وأن فشل التفاوض سيُلحق الضرر بجميع السوريين، مشدداً على أن جميع الجهود تُبذل لمنع إفشال هذا المسار.
كما تطرق إلى القرارات التي اتخذتها بعض مؤسسات الحكومة الانتقالية بحق موظفي الإدارة الذاتية الديمقراطية، معتبراً أن هذه الإجراءات تضر بعملية التفاوض، التي أكدت في مجملها على دور موظفي الإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة السورية بعد دمج المؤسسات المدنية والعسكرية. وأوضح أن أي إجراءات إدارية أو قضائية بحقهم تُعد مخالفة لاتفاقية آذار، وخطوات تصعيدية غير مقبولة.
وفي ختام كلمته، شدد عبدي على أن الاتفاقية تنطلق من مبدأ التشاركية في الحكم، وهو حق يشمل جميع مكونات ومحافظات المنطقة. وأشار إلى أهمية تمثيل مختلف المناطق، ومنها الرقة، في مسار التفاوض، بما يعكس مواقف الأهالي ويضمن مشاركة حقيقية لجميع المكونات في مستقبل سوريا.
المصدر: الموقع الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية