مسد يحذّر تحويل المرحلة الانتقالية إلى عملية شكلية تعيد إنتاج المركزية القديمة بوجوه جديدة

 

أكد مجلس سوريا الديمقراطية، في بيان، الاثنين، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد، على ضرورة الشروع فوراً بعملية انتقال ديمقراطي واضحة ومُلزمة، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2254 والقرار 2799، بما يضمن تشكيل سلطة انتقالية شرعية تمثل جميع السوريين.

وجاء في نص البيان:

“تمرّ اليوم الذكرى الأولى لسقوط النظام البعثي في الثامن من ديسمبر 2024، ذلك الحدث التاريخي الذي شكّل نقطة تحوّل كبرى في مسار سوريا وشعبها، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة بعد أربعة عشر عاماً من الحرب والقمع والتهجير.

لقد دفع السوريون ثمناً هائلاً من دمائهم واستقرارهم ووحدة مجتمعهم في مواجهة نظام رفض الإصلاح والحوار، وواجه المطالب السلمية بالقوة، وعمّق عبر سياساته الإقصائية مركزيةً مفرطة عطّلت الدولة وفتّتت المجتمع.

وإن ما تشهده البلاد اليوم من هشاشة أمنية وتفكك مجتمعي وصراعات محلية، ليس إلا نتيجة مباشرة لتلك السياسات التي جعلت من أيديولوجيا حزب البعث الشوفينية مصدراً للشرعية، وقادت إلى انهيار الدولة أمام تحولات لم يعد النظام قادراً على مواجهتها.

ومع مرور عام على طيّ صفحة الاستبداد، كان من المفترض أن تنطلق سوريا في مسار وطني واضح نحو إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية جديدة، غير أن الحكومة المؤقتة، ورغم سيطرتها على العاصمة منذ عام، لم تتمكن بعد من تجاوز ذهنية الفصائل والمرجعيات العقائدية الضيقة، ولم تنتقل إلى عقلية الدولة الوطنية الجامعة، كما لم تُقدم على إطلاق حوار وطني شامل، ولا على تشكيل مؤسسات انتقالية مستقلة، بل واصلت إدارة الملفات بذات العقلية المركزية التي عطّلت الدولة سابقاً.

 

وعلى الرغم من أن الاتفاق الموقّع في العاشر من آذار بين الحكومة المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية كان خطوة مهمة لنزع فتيل الصراع الداخلي، فإن تعثّر المفاوضات وعدم تنفيذ بنود الاتفاق، مقابل الأزمات المتصاعدة في الساحل والسويداء، أظهر محدودية قدرة الحكومة على إدارة المرحلة الانتقالية.

إن مجلس سوريا الديمقراطية، وهو يحيي الشعب السوري في هذه اللحظة الوطنية، يؤكد على ضرورة الشروع فوراً بعملية انتقال ديمقراطي واضحة ومُلزمة، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2254 والقرار 2799، بما يضمن تشكيل سلطة انتقالية شرعية تمثل جميع السوريين، وصياغة دستور ديمقراطي يقوم على عقد اجتماعي جديد، وإصلاح مؤسسات الدولة وبناء جهاز قضائي مستقل.

ويشدّد المجلس على أن نجاح الانتقال الديمقراطي يتطلب مشاركة أوسع لقوى المجتمع: القوى السياسية الديمقراطية، الأحزاب الوطنية، الحركات النسائية، الشباب والفاعلين المدنيين، بوصفهم الشريك الأساسي في بناء سوريا الجديدة، كما يرى المجلس أن إشراك المجتمعات المحلية ومؤسسات الإدارة الذاتية في وضع السياسات واتخاذ القرارات، يشكّل خطوة ضرورية لضمان مشاركة فعلية لا شكلية، ويرى المجلس الحاجة إلى تأسيس نظام لامركزي ديمقراطي يضمن وحدة البلاد، ويمنح المجتمعات المحلية القدرة على إدارة شؤونها، مع توزيع عادل للثروات واحترام التعدد القومي والديني والسياسي، وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية ودمج القوى العسكرية ضمن منظومة أمن وطني جديدة تقوم على حماية المواطن لا السلطة.

كما يؤكد المجلس أن العدالة الانتقالية شرط للسلام الحقيقي، ولا يمكن بناء سوريا جديدة دون كشف الحقائق، وضمان حقوق الضحايا، ومعالجة ملف المعتقلينَ والمختفينَ قسراً بوصفه أولوية وطنية لا تقبل التأجيل، ويحذّر المجلس من أي محاولة لتحويل المرحلة الانتقالية إلى عملية شكلية تعيد إنتاج المركزية القديمة بوجوه جديدة.

ويرى المجلس أن دور سوريا سيكون محوريا في التحولات الجيوسياسية المقبلة، وعلى السوريين أن يكونوا شركاء في صناعة مستقبلهم، لا مجرد متلقّين لقرارات الآخرين، وفي هذا السياق، يدعو مجلس سوريا الديمقراطية القوى السياسية والديمقراطية والنسائية السورية إلى توحيد الجهود، وينفتح على الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي لدعم مسار التغيير الحقيقي في سوريا، بما يخدم استقرار المنطقة وحقوق شعوبها.

ختاماً، إن سوريا اليوم تعيش مخاضاً تاريخياً سيعيد تعريف شكل الدولة ودورها في الشرق الأوسط، ولا سبيل لإنجاح هذا المخاض إلا بوعي وطني صادق، وإيمان بأن مستقبل سوريا يُبنى على الحرية والمواطنة والعدالة والمشاركة.

 

 

سوريامسد