كوباني واتفاقية دهوك وما تمخض عنها … قراءات سياسية

الإعلامي سمير سفوك لموقع  “Buyerpress”

لا شك بأن التطورات العسكرية في كوباني, ولاسيما المقاومة الشرسة من قبل وحدات الحماية الشعبية ضد تنظيم داعش المستميت للسيطرة على المدينة ألقت بظلالها على المشهد السياسي الإقليمي والدولي, فالأحداث في كوباني كان حافزاً لقيادة إقليم كردستان العراق  من أجل تغيير سياساتها مع حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الـ(YPG ) بعد موجة انتقادات ومواجهات ساخنة بين الطرفين وترجم هذا التغيير عن طريق الحشد الإعلامي لمؤازرة كوباني وما تلاه من دعم عسكري عن طريق إرسال البيشمركة.
أما التغيير الآخر؛ فهو سعي حكومة الإقليم لرأب الصدع بين المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديمقراطي”TEVDEM” عن طريق اللقاءات التي جرت في دهوك واختتمت اتفاقية دهوك أواخر شهر تشرين الأول في الاتفاق على ثلاث نقاط أساسية، مرجعية سياسية، ومرجعية عسكرية، وشكل الإدارة المشتركة للمناطق الكردية الخارجة عن سيطرة النظام, على أن  يتم تنفيذ بنود الاتفاق في مدة لا تتجاوز شهرين.
ربما تكون بنود الاتفاقية غير واضحة المعالم أو صعبة التنفيذ نظريا لا سميا إن هناك تجربتين تكللتا بالفشل قبل الآن هولير 1- 2, والذي يتبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب بفشله, وعلى الرغم من أن المواطنين استبشروا خيرا به, إلا أن قيام الإدارة الذاتية بتطبيق قانون الدفاع الذاتي وما واكبه من اعتقالات وتطورات لتنفيذ القرار القديم والتي مهدت إلى هروب الكثير من الشباب من المنطقة,  آثار تساؤلات حول جدية الطرف القوي المتمثل في “TEVDEM” في تطبيق بنود الاتفاق خصوصا بأنه يملك القوى ومفاتيح الإدارة للمنطقة وسط ضعف الطرف الثاني ورغم ذلك إلا أن التصريحات من الطرفين تعتبر إيجابية لغاية الآن .
من وجهة نظري الجميع بات مقتنعاً أو من المفترض أن يكونوا على دراية بخطورة الوضع العسكري والسياسي, وإنه لابد من تنازلات من قبل الطرفين خصوصا أن الأطراف الإقليمية والدولية باتت تعمل وفق مصلحة الكرد بداية من قصف وقتال داعش بكردستان العراق ونهاية بدعم كوباني  في سوريا, في وقتٍ أحسَّ حزب الاتحاد الديمقراطي بعدم جدية النظام في مساعدته لا بل وخذلانه في معركة كوياني, رغم مواقف الحزب في الحسكة وتل براك وطلب الغرب والأمريكان الصريح من حزب الاتحاد بالابتعاد عن الأسد والشراكة الحقيقية مع المجلس الكردي الذي تجلى في الاجتماعات التي عقدت بين قيادات الاتحاد الديمقراطي ومسؤولين أمريكيين وغربيين في أوروبا.
ومن الجهة المقابلة, أيضا الائتلاف المعارض الذي كشر عن أنيابه العنصرية اتجاه الكرد ومواقفه المتباينة اتجاه المناطق الكردية مما يجعل المجلس الكردي أيضا في قفص الاتهام حول مدى استفادته من بقاؤه داخل صفوف الائتلاف العاجز أصلا .
كل هذه التطورات والأحداث تجعل من اتفاقية دهوك (اتفاقية الضرورة) بالنسبة للطرفين لكسب الرأي العام الدولي من جهة ولكسب الرأي الداخلي وتعاطف المواطنين الذين أصيبوا منذ فترة ليست قصيرة بخيبة الأمل .
لكن بالرغم من الاختلافات الإيديولوجية والسياسية بين الطرفين الكرديين إلا إنه ربما تكون شرارة كوباني هي بداية لنهاية الاقتتال والانقسام الكردي والنقطة الاولى نحو كيان كردي مستقل عن الواقع السوري الملتهب .

فنصة تمو