بريطانيا تُكافح ظاهرة “الاتجار بالبشر”.. الأكثر ربحاً

كشف تقرير “المكتب العالمي للعمال” في بريطانيا أخيراً أن “ما لا يقلّ عن 12مليونا و300 ألف إنسان حول العالم، يعملون قسراً تحت وطأة التهديد والابتزاز، منهم تسعة ملايين و800 ألف شخص يعملون في القطاع الخاص، ومليونان و400 ألف اضطروا إلى العمل في مهن لا يريدونها، بسبب ظروف الهجرة وعمليّات الاتجار بالبشر”.
وأدى غياب تعريف دقيق للعمل القسري، وعدم لجوء الضحايا إلى السلطات المختصّة لمساعدتهم خوفاً من إلقاء القبض عليهم كونهم مهاجرين غير شرعيين، أو خشية أن يقوم أصحاب العمل بإنزال عقوبات صارمة بحقّهم وعائلاتهم، إلى وجود فجوة كبيرة في التشريعات.
بحسب ميثاق “العمالة الإلزامية” الصادر عام 1930، فإن العمل القسري هو “أي عمل يُفرَض على شخص تحت وطأة التهديد أو العقاب”. وعام 1957، أُضيف إلى هذا التعريف اعتبار أي “عمل لا إرادي، عملاً إلزامياً، يتضمن إعطاء معلومات كاذبة عن نوع وشروط العمل، أو الاحتفاظ بالأوراق الثبوتية للعامل، وحرمانه من الامتيازات الاجتماعية”.
ونصّ بروتوكول “المكتب العالمي للعمّال” عام 2000، على أن “أية عملية توظيف أو نقل، أو تسليم أو استلام إنسان، تحت وطأة التهديد وبغية الاستغلال الجنسي أو الاقتصادي، هي جريمة اتجار بالبشر”. ووافقت على هذا التعريف غالبية الدول.
بَيْدَ أنّ معظم الحكومات حصرت مفهوم “الاتجار بالبشر” باستغلال النساء والأطفال جنسيّاً، متجاهلة الابتزاز الاقتصادي الذي يتعرّض له العامل.
وتتفاوت نسب الاستغلال الاقتصادي والجنسي بين الإناث والذكور. إذ تعمل 56 في المائة من النساء والفتيات في وظائف إلزامية، فيما تبلغ نسبة الرجال 44 في المائة. أمّا نسبة الابتزاز الجنسي، فتصل إلى 98 في المائة لدى الإناث، واثنين في المائة لدى الذكور.
وقالت أبحاث تابعة لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إن “الاتجار بالبشر” ينتشر في الدول الفقيرة والأقل تقدّماً، على غرار أفريقيا وآسيا. وغالباً ما يكون الضحايا إناث، إذ تساهم التقاليد والمعتقدات الدينية، كالزواج المبكر، في زيادة نسبة الاستغلال الجنسي.
وتعتبر دول ألبانيا ورومانيا وطاجيكستان من البلاد المصدّرة للعمّال. فيما تعد فرنسا وألمانيا وهنغاريا واليابان وروسيا وتركيا والمملكة المتحدة من الدول “المستوردة” للضحايا، أو دول ترانزيت.
في بريطانيا نحو 600 عصابة تعمل في الاتجار بالبشر. هكذا تشير التقديرات. وقالت منظمة “أجلي ماج” إن “عدد الانتهاكات الجنسية بلغ 922 خلال العامين الماضيين”. وأشارت الضابطة في مكتب العمليات وقسم الجريمة في سلك الشرطة كوليت بروس لـ “العربي الجديد” إلى “مدى فعالية الشرطة والمنظّمات الحكومية في بريطانيا، في مكافحة هذه الجريمة، من خلال إطلاق “عملية مكسيم”، التي تهدف إلى تنظيم الهجرة غير القانونية في البلاد، والاتجار بالبشر. وتتوزع على ثلاث وحدات: وحدة جريمة الهجرة المنظمة، ووحدة الاتجار بالبشر، ووحدة تطوير الأبحاث”.
وخلال عامي 2008 و2009، كشفت “مكسيم” عن مجموعة كبيرة من الجرائم المرتبطة بالهجرة غير القانونية. في يونيو/حزيران 2014، اعتقل 25 شخصاً ينتمون إلى منظّمات مختلفة مرتبطة بالاتجار بالبشر، وقد ساعد في القبض عليهم التعاون الوثيق مع قطاعات قانونية من بلادهم.
كذلك، اعتقل ستة ناشطين من مجموعة “الجريمة المنظمة” برئاسة فيشال شوداري، بتهمة الاتجار بالبشر واستغلال فتيات ونساء جنسياً، تتراوح أعمارهن بين الـ 18 و45 عاماً. وحمّلت الشرطة هؤلاء مسؤولية تهريب ما يزيد على مائة وعشرين امرأة، وإجبار بعضهنّ على ممارسة الدعارة واغتصابهن.
وتحدّث رئيس الشرطة شون سويير عن موضوع “العبودية الحديثة” أو “الاتجار بالبشر”، واعتبرها من أكثر الجرائم ربحاً. وبلغ عدد الضحايا حول العالم نحو عشرين مليونا، غالباً ما يُستغلّون في “تجارة الجنس”، ربعهم من الأطفال.
من جهته، أكد قائد الشرطة العام برنارد هوجان هوي أن “شرطة بريطانيا تعهدت بالتصدّي لعمليات الاتجار بالبشر”. ولفت إلى الدور الفعال الذي تقوم به وحدة الاتجار بالبشر منذ تأسيسها عام 2010″، مشيراً في الوقت نفسه إلى “التحديات التي تواجهها الشرطة على المستوى العالمي”.
ويبذل المكتب العالمي للعمّال جهوداً جبارة بغية وضع استراتيجيات محلية وعالمية لمحاربة “الاتجار بالبشر”، آملاً أن تعمل جميع الدول على اتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على العمل القسري، بمختلف أنواعه عام 2015”.
العربي الجديد