قبل وقوع الأزمة في سوريا عام 2010، كانت الأدوية متوفرة ولم تكن تعاني من مشكلة النقص والفقدان، فقد كان هناك نظام منضبط فيما يتعلق بموضوع الاستيراد والتصدير ونوعية الأدوية من حيث المادة الفعالة والجودة، وكانت معامل تصنيع الأدوية السورية تتصدر قائمة العشر الأوائل في العالم، ولكن بعد عام 2011، طرأ تغيير بسبب الفوضى السائدة والفساد الذي شمل كل المجالات بما فيها المجال الصحي، والذي له خصوصية معينة لتأثيره على حياة الإنسان بشكل مباشر.
وقال الدكتور الصيدلي “صلاح رمو”، خلال لقائه في برنامج “صحتك بالدنيا” إن مناطق روجآفا (شمال وشرق سوريا) عانت بعد الأزمة السورية 2011 صعوبة في توفر الأدوية، بسبب صعوبة الشحن من دمشق إلى الحسكة ناهيك عن ضريبة الشحن والتي كانت تقدر بنحو 28%، وكل هذا كان له انعكاسات على الفرد بسبب غلاء الدواء الذي لا يناسب الدخل الشهري، مع ملاحظة الفرق في التسعيرة بين دمشق والحسكة.
وكان المعمل يقوم باستغلال بيع الدواء المفقود بشكل حر عن طريق بيعه بكمية قليلة وبأسعار مضاعفة، للمندوبين وللمستودعات ومن ثم للصيدليات، إلا أن الخاسر في هذه المعادلة هو المواطن الذي لا يتناسب الدواء مع دخله الشهري.
وبعد سقوط نظام الأسد، يأمل الدكتور أن يتغيّر الوضع، وأن يوضع نظام لاستيراد الدواء وإيجاد مخبر لمراقبة الأدوية لفحص الدواء من حيث فعالية المادة وتاريخ الدواء والصلاحية وتحليله عن طريق أخذ عينة منه، وبناءً عليه يتم السماح بتداوله أو يتم رفضه.
وأشار الدكتور إلى أنه على مدى 13 عاماً.. لم يكن هناك ما يسمى بمخبر مراقبة الأدوية، وكانت عملية الاستيراد تتم بطريقة عشوائية ومن دول مختلفة “الهند، إيران، تركيا” وهي دول مستفيدة، لافتاً إلى أن الأدوية التي تدخل إلى البلد بدون خضوعها للمراقبة لها عواقب وخيمة، لأن المادة الموجودة في الدواء غير طبيعية، فمثلاً دواء معين كان من المفترض أن يحتوي نسبة 1000 مليغرام من مادة معينة، إلا أنه يتم خفض المادة الأساسية، ليحتوي على نسبة 500 مليغرام، لذلك المعمل يدعي أن السعر لا يناسبه لأن الأدوية سعرها في الدول المجاورة منخفضة لذلك يتم خفض المادة الأساسية، ولا توجد رقابة لأن الدولة لا تتدخل.
وأيضاً عندما تستورد المعامل المواد الخام الفعالة من دول أخرى مثل الهند أو إيران يكون سعرها 1000 ليرة مثلا، فتقوم المعامل ببيعها بنفس سعرها في الشركة الأم بمبلغ 50 ألفا، فتتم المتاجرة بالأدوية مع بيعها بسعر مضاعف.
لذلك يجب على الجهات المعنية الجديدة في الدولة وضع نظام مراقبة لضبط آلية الاستيراد وتصنيع الأدوية وتشغيل المعامل وحفظها بطريقة صحيحة وتوصيلها للمريض بطريقة نظامية، وحتى وأن لم تكن نسبة الانتظام 100%، إلا أنه يجب أن تكون منتظمة ضمن المعايير الدولية.
ويتوقع الدكتور أن تتوافر الأدوية وتعود إلى سابق عهدها، وأن يُفتح المجال أمام السوق الحرة بعد سقوط نظام الأسد، لكن ضمن ضوابط معينة وجيدة، وفي مخبر مراقبة الأدوية، منوهاً أن أسعار الأدوية ليست مرتفعة، لكن يجب رفع دخل الفرد بما يتناسب مع الوضع المعيشي في المنطقة.
وقال الدكتور إن عدة معامل أُغلقت أثناء الأحداث وهناك معامل تحتاج إلى دعم مثل معملي “الديماس وتاميكو” اللذان يضاهيان المعامل الأجنبية من حيث الجودة والإنتاج، إلا أنها تغيرت بسبب الفساد في الدولة.
كما توجد معامل لم تتوقف إلا أن إنتاجها انخفض، وكانت تتصدر للخارج أكثر من الداخل، وأكثر الأدوية كانت توزع بشكل غير طبيعي في المحافظات النامية لأنه يتم استخدام الأدوية بطريقة غير صحيحة، وذلك بسبب عدم وجود الثقافة الطبية والصحية أو قوانين صحية في هذه المناطق.
ونوه الدكتور أنه لا يجوز صرف وصفات طبية لمريض من دون استشارة طبية، وبالأخص المواد المتعلقة بالأمراض العصبية.
وفيما يخص أدوية الأطفال، قال الدكتور إن لكل دواء تاريخ معين، وله مخاطر على صحة الطفل في حال انتهائه لأن بنية الطفل الفيزيولوجية ضعيفة مما يؤدي إلى إلحاق الضرر به.
كما أن الدواء تقل فعاليته بعد ستة أشهر من تاريخه إلا أنه غير ضار، لكن في حال انتهت صلاحيته فيجب الامتناع عن تناوله، إلا في حال فقدانه فيجوز تناوله بعد انتهاء صلاحيته بشهر.
ويجب ألا تتعرّض العبوة لأشعة الشمس، كما يجب أن تستخدم كل علبة شراب لمدة 15 يوما فقط، لأنه عند فتح عبوة الزجاج بشكل متكرر أثناء الاستخدام يدخل الهواء إليه وتنتقل الجراثيم، لذلك يجب إتلافها.
وشدد الدكتور الصيدلي “صلاح رمو، في ختام لقائه، على ضرورة ضبط وتنظيم القطاع الصحي بشكل عام والابتعاد عن الأساليب القديمة من حيث إنتاج المعامل للأدوية، واستيرادها، وضرورة وجود مخابر لمراقبة الأدوية، والتزام الأطباء والصيادلة والمستشفيات بقواعد الصحة بشكل صحيح، والتركيز على الوعي الصحي.:
إعداد: أحمد بافي آلان
أدناه رابط الحلقة كاملاً: