يُعرف اكتئاب ما بعد الولادة بأنه اضطراب نفسي يحدث بعد الولادة، وتختلف عن الكآبة النفاسية والتي تبدأ من أول يوم للولادة وحتى 40 يوماً، فتشعر السيدة بالحزن والقلق، أما الاكتئاب فيحدث تقريبا بعد أشهر أو سنة، وتشعر الأم بالحزن والقلق الشديدين واليأس، وقد يتحول الاضطراب إلى مرض في حال لم تخضع السيدة للعلاج أو تقديم الدعم المناسب لها، مما قد تضطر إلى الدخول لمصحّ نفسي، وبالتالي ينعكس آثاره على الأم والمولود الجديد وعلى جميع أفراد العائلة.
وأوضحت الدكتورة “شورش عثمان” اختصاصية بأمراض النساء وجراحتها، خلال لقائها في برنامج “صحتك بالدنيا”، أن أعراض الاضطراب ما بعد الولادة، تكون على شكل حزن ويأس يرافقهما اكتئاب، وتقلبات في المزاج، انفعال سريع، بكاء مفرط بدون سبب، عدم وجود ارتباط عاطفي بينها وبين المولود الجديد، الانطوائية وفقدان التواصل مع المحيط، فقدان الشهية للأكل أو العكس، اضطراب في النوم، وقد تصل السيدة إلى حالة الاكتئاب الشديد ويتحول إلى أذى نفسي والتفكير بالانتحار.
وأشارت الدكتورة إلى أن أسباب الاضطراب بعد الولادة غير معروفة، ولكن توجد نسبة من 10 – 15 % من السيدات يصبن بالاكتئاب سواء كان معتدلاً أو شديداً، وتوجد نظريات تشير إلى أسباب للإصابة بالاكتئاب ما بعد الولادة، مثل الاضطرابات الهرمونية، كاضطراب في هرمونَي الاستروجين والبروجسترون ونزولهما إلى أقل مستوياتهما، مما قد يؤديان إلى هبوط شديد في المزاج عند السيدة.
أو شعور السيدة بوجود صعوبة في تحمّل مسؤولية تربية الطفل مما يؤدي إلى فقدانها الثقة بالنفس، كما أن وجود المشاكل العائلية يؤهب لحدوث الاكتئاب ما بعد الولادة، إضافة إلى الأسباب الاقتصادية التي تدفع إلى الشعور بالاستسلام والدخول في حالة من اليأس، والإصابة بالاكتئاب.
ونوهت الدكتورة بأن عوامل الخطورة تكمن عند السيدة عندما لا تتلقى الدعم النفسي اللازم بشكل سليم، والذي قد يتحول إلى اكتئاب شديد ومرض، وكشفت الدراسات أن ست سيدات انتحروا خلال سنتين وكان سببه اكتئاب ما بعد الولادة لأنهن لم يتلقين الدعم النفسي المناسب، لافتة إلى أن حدوث هذه الحالة هي: لاإرادية، وإذا لم يتدارك الأهل في الوقت المناسب قد يؤدي ذلك إلى الانتحار.
ولفتت إلى أنه قد تظهر بعض الأعراض عند السيدة ـ عرضَين أو ثلاثة ـ ويوجد هناك مقياس لقياس الاكتئاب عند السيدة ويسمى بمقياس (أدنبرة) وتكون على شكل أسئلة موجّهة للسيدة عن الحالة النفسية (حزن، اضطراب في النوم والأكل والتواصل)، وقد تتحول السيدة إلى اختصاصي نفسي لتلقي الدعم بشكل أكبر وأكاديمي.
وأكدت الدكتورة أن خطة العلاج تكون بحسب الحالة، وتحتاج إلى جلسات نفسية عند طبيب مختص لمعرفة درجة الاكتئاب ومعالجتها، مشيرة إلى أن بعض السيدات قد يَحتجن إلى جلسة واحدة للخروج من الحالة، فيما تحتاج بعضهن إلى مضادات اكتئاب أو إلى مصحّ نفسي للخروج من هذه الحالة.
وشددت الدكتورة “شورش عثمان” اختصاصية بأمراض النساء وجراحتها، في ختام لقائها على عدة توصيات هامة، منها: تقديم الدعم النفسي للسيدات من قبل الزوج والعائلة بعد الولادة لتجاوز المحنة وخاصة في الـ 6 أشهر الأولى بسبب التغييرات الكبيرة التي تحصل عندها، وعدم الاستخفاف بالحالة ومساعدتها على تخطي المرحلة ولو دوائياً، والابتعاد عن الكلمات التي تفقد الثقة بالنفس.
إعداد: أحمد بافي آلان
أدناه رابط الحلقة كاملاً: