تنتشر أعراض “القولون العصبي” في أوساط أعداد متزايدة من الناس، خاصة في ظل تعقيدات الحياة المتزايدة والضغوط التي يواجهها الناس والتي تعتبر السبب الرئيس لهذا المرض، فيما ينشغل الكثير من الأطباء في البحث عن الطرق التي تُخفف من الآلام والأعراض الناتجة عن “القولون العصبي”.
وقال تقرير نشرته جريدة “نيويورك تايمز” New York Times الأميركية، إن “النشاط المنتظم يشكل جزءاً مهماً من علاج العديد من أمراض الأمعاء، وخاصة متلازمة القولون العصبي، حيث في الواقع قد تكون قلة الحركة هي المحفز الأولي لمتلازمة القولون العصبي”.
وقال الدكتور أنتوني ليمبو، مدير الأبحاث في معهد أمراض الجهاز الهضمي في عيادة كليفلاند إن “التمارين الرياضية جزء من إدارة نمط الحياة، وهي العلاج الأولي لأي مريض يعاني من متلازمة القولون العصبي أو أي مشاكل أخرى متعلقة بالأمعاء”.
وأظهرت الدراسات باستمرار أن مرضى متلازمة القولون العصبي الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام يعانون من أعراض أقل من أولئك الذين لا يمارسون الرياضة. ولكن، في حين يتفق الخبراء على أن التمارين الخفيفة إلى المتوسطة مفيدة، فإن الأسباب لا تزال غامضة بعض الشيء.
ويحدث القولون العصبي بسبب سوء التواصل بين الدماغ والأمعاء، ما يؤدي إلى الألم والانتفاخ أثناء عملية الهضم الطبيعية. وبالنسبة لبعض الناس، فإنه يسبب الإمساك في المقام الأول، في حين يعاني آخرون في الغالب من الإسهال أو مزيج من الاثنين.
ويحتوي الجهاز الهضمي على شبكة معقدة من الخلايا العصبية -تسمى أحياناً “الدماغ الثاني”- التي تتحكم في تدفق الدم والإفرازات ومئات وظائف الأمعاء من خلال العصب المبهم، الذي يربط الدماغ بأعضاء الجسم، وعلى هذا النحو، فإن الدماغ له تأثير كبير على الجهاز الهضمي، والعكس صحيح.
وقالت الدكتورة مايتري كوثاندارامان، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في “جامعة كالجاري”: “لا يتحدث الدماغ والأمعاء دائماً مع بعضهما البعض بطريقة مناسبة للصحة”. وأضافت أن الفوائد الصحية العقلية للتمرين “يمكن أن تعيد الاتصال بين الدماغ والأمعاء وتؤثر على القولون العصبي”.
ويقول تقرير “نيويورك تايمز” إن الخبراء وجدوا بأن ممارسة الرياضة تعمل على تحسين ميكروبيوم الأمعاء، وتعزيز الأنواع الصحية من البكتيريا. وعلى سبيل المثال، ثبت أن ممارسة الرياضة لمدة ساعتين ونصف في الأسبوع تشجع نمو العشرات من البكتيريا الصحية التي تحمي جدار الأمعاء، وتقلل الالتهابات وتفتت الطعام.
ويقول الدكتور كوثاندارامان إن أفضل استخدام لممارسة الرياضة في علاج القولون العصبي هو على الأرجح في الوقاية من الحالة، وليس علاجها، وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة سابقة أن النشاط القوي المنتظم كان مرتبطاً بمشاكل أقل في الأمعاء لاحقاً.
وإذا كان الشخص يعاني بالفعل من القولون العصبي، فإن الحركة المنتظمة يمكن أن تحدث فرقاً، خاصة إذا كان الشخص لا يمارس الرياضة بانتظام بالفعل. ويعتبر الدكتور كوثاندارامان ممارسة الرياضة هي الأولوية الثالثة في العلاج، بعد أولوية تعديل النظام الغذائي ومعالجة مشاكل الصحة العقلية الأساسية، ولكن قبل اللجوء إلى الأدوية.
ويقول الخبراء إن ممارسة الرياضة من المرجح أن تكون مفيدة للمرضى الذين يعانون من الإمساك بسبب القولون العصبي مقارنة بأولئك الذين يعانون من الإسهال بشكل متكرر، وببساطة فإن الحركة تولد الحركة. ومع ذلك، أشارت دراسة حديثة أجريت في إيطاليا إلى أن المرضى المصابين بكلا الشكلين قد يستفيدون.