يُعدّ الارتفاع المُفرط في درجة الحرارة بمثابة العدو الأوّل للأجهزة والقطع الإلكترونيّة. وعلى الرغم من أنّ الهواتف تكون مزوّدة في العادة بطُرق حماية تحدّ من ارتفاع حرارتها الداخليّة بشكلٍ مُفرط لمنع تلف المكوّنات الداخليّة، فإنّ هذه الطُرق قد تفشل في بعض الأحيان في كبح الارتفاع في درجة الحرارة الداخليّة للهاتف والإبقاء عليها في الحدود الآمنة، ممّا قد يُلحق بالهاتف أضرارًا يُمكن أن تصل إلى حدوث احتراق المكوّنات أو حتّى انفجار الهاتف. هُناك إجراءات يُمكن أن تُتبّع في مثل هذه الحالات لتفادي العواقب السيئة للارتفاع الكبير في درجة حرارة الهاتف. إليك ما الذي ينبغي عليك فعله عند ارتفاع حرارة هاتفك الذكيّ.
أولًا: أسباب تعرض الهاتف للحرارة المرتفعة
لكي نفهم طبيعة الإجراءات التي يجب علينا اتّخاذها عندما نُلاحظ أنّ هاتفنا الذكيّ أصبح ساخنًا للغاية، فعلينا أولًا أن نتعرّف على الأسباب المُحتملة التي يُمكن أن تؤدّي لزيادة حرارة الهاتف بشكل مُفرط.
تُنتج بعض أجزاء الهاتف الحرارة بشكل طبيعيّ أثناء التشغيل، خاصّة مُعالج وشاشة الهاتف. وفي بعض ظروف التشغيل قد تُنتج هذه المكوّنات الحرارة بكثافة أكبر، ولاسيّما عند تشغيل المهام الأكثر استهلاكًا للطاقة، فاستهلاك الطاقة بصورة أكبر يعني بالضرورة مزيدًا من الحرارة الناتجة حيث تتناسب الطاقة التي تؤدّي لتسخين الأسلاك والمكوّنات طرديًّا مع مُربّع التيّار الذي تسحبه هذه المكوّنات.
يمكن أن تؤدي العيوب الداخليّة في مكوّنات الهاتف أيضًا إلى تولّد الحرارة بمُعدّلات أعلى من الطبيعيّ، كما أنّ المُمارسات الخاطئة التي يتّبعها البعض أثناء الاستخدام قد تلعب دورًا فعّالًا في تسخين الهاتف.
ثانيًا: إجراءات يستوجب فعلها عند ارتفاع حرارة الهاتف
دائمًا ما تُوصي الشركات المُصنّعة للهواتف الذكيّة بحفظها والتعامل معها في بيئة تتراوح درجة حرارتها ما بين 0 – 35 درجة مئويّة، فقد تكون هُناك خطورة على سلامة مكوّنات الهاتف إذا ازدادت درجة الحرارة الداخليّة للهاتف عن 45 درجة مئويّة أثناء الشحن أو تشغيل الجهاز لأداء المهام المُختلفة أو حتّى تركه في وضع الخمول.
لا توفّر الهواتف حاليًا طريقة مُباشرة لعرض معلومات درجة حرارة مكوّنات الهاتف لكي نتمكّن من مُراقبة الوضع بصورة مُستمرّة، ويُمكنك على أقصى تقدير في بعض أنواع الهواتف الحديثة أن تتلقّى إشعارًا من الهاتف عندما ترتفع درجة حرارة هاتفك بشكل مُفرط لذلك يجب أن يعتمد الأمر بصورة أكبر على الإحساس والمُلاحظة.
وعلى عكس أجهزة الكمبيوتر، لا تحتوي الهواتف الذكيّة على مراوح للتبريد نظرًا لصغر حجمها ولكونها أقلّ استخدامًا للطاقة، وأقلّ إنتاجًا للحرارة بطبيعة الحال، وبالتالي فهي لا تعتمد سوى على فتحات التهوية للتخلُّص من الحرارة الزائدة، لذا وبمُجرّد أن تُلاحظ أن هاتفك أصبح ساخنًا يجب عليك اتّباع سلسلة من الإجراءات التي تهدف لتفادي الأضرار الناجمة عن الارتفاع المُفرط في درجة الحرارة، والتي ترتكز على محورين رئيسيّن أحدهما هو تفادي أسباب رفع درجة حرارة الهاتف للحدّ من إنتاج مزيد من الحرارة، والمحور الآخر هو محاولة تبريد الهاتف سريعًا قبل أن تتسبّب الحرارة الزائدة في إتلاف المكوّنات. وتتلخّص هذه الخطوات والإجراءات فيما يلي:
إزالة حافظة الهاتف
يستخدم الكثير من الأشخاص حافظة أو قِراب (جراب) عادةً ما تكون مصنوعة من البلاستيك أو السيليكون أو المطّاط لحماية جسم الهاتف الذكيّ من الخدش أو الكسر أو التلف عند السقوط على الأرض أو التعرُّض للصدمات. ولكن يعيب هذه الحافظات غالبًا أنّها تكون مصنوعة من مادّة عازلة للحرارة لا تسمح بتسريب الحرارة من جسم الهاتف إلى الخارج بمُعدّلات كافية، وهو ما يعني أنّ الهاتف الذكيّ الذي أصبح ساخنًا للغاية سيحتفظ بمُعظم حرارته ولن يتمّ تبريده بسرعة كافية، بل وفي بعض الحالات لا يُلاحظ المُستخدم أنّ حرارة هاتفه قد ارتفعت إلّا مُتأخّرًا بعد أن تُصبح الشاشة ساخنة للغاية بسبب الحافظة العازلة التي تُبقي حرارة جسم الهاتف معزولة عن أصابعه وغير محسوسة. وعند مُلاحظة سخونة الهاتف الذكيّ، فإنّ أوّل ما يجب عمله هو إزالة الحافظة العازلة من الهاتف، إن كان موضوعًا داخل حافظة، والسماح لجسم الهاتف الذكي بالتعرُّض للهواء بصورة مُباشرة ممّا يُساعد على تبريده.
إغلاق التطبيقات المُشغّلة في الخلفيّة
تستهلك برامج وتطبيقات الهاتف أثناء تشغيلها قدرًا كبيرًا من الطاقة، وخاصّة التطبيقات التي تتطلّب أداءً عاليًّا من مُعالج الجهاز ووحدة الذاكرة مثل ألعاب الفيديو وتطبيقات تحرير الصور وميزات الواقع المُعزز. وكما أشرنا من قبل، فإنّ استهلاك الكثير من الطاقة يعني دومًا الكثير من الحرارة الناتجة، لذا عند ارتفاع درجة حرارة الهاتف يُنصح بإغلاق جميع التطبيقات والبرامج المُشغّلة على الهاتف للحدّ من الطاقة المُستهلكة حتّى يتمّ تبريد مكوّنات الهاتف.
لا يكون الخروج من نافذة التطبيق كافيًا لإغلاقه في مُعظم الأحوال حيث يستمر تشغيل بعض التطبيقات في الخلفيّة، ولا بُدّ من التوجّه إلى قائمة المهامّ المُتعدّدة للاطّلاع على التطبيقات التي تعمل في الخلفيّة وإيقاف تشغيلها. يُمكن ضبط بعض أنواع الهواتف بحيث تقوم افتراضيًّا بوضع التطبيقات والبرامج غير المُستخدمة في وضع السكون، وهو ما يعني إيقاف تشغيل هذه البرامج والتطبيقات بصورة تلقائيّة عندما لا تكون مُستخدمة والحد من استخدامها لموارد الجهاز وطاقة البطّاريّة.
إعادة تشغيل الهاتف
حتّى بعد إغلاق جميع التطبيقات المُشغّلة وإيقاف تشغيل التطبيقات في الخلفيّة يُمكن أن يؤدّي استمرار بعض العمليّات في الخلفيّة، كالتحديثات وتلقّي الإشعارات من التطبيقات، إلى استمرار الحرارة المُنبعثة من مكوّنات الجهاز نتيجة استمرار استخدام موارد الجهاز. وعلى عكس التطبيقات المُشغّلة في الخلفيّة، والتي يُمكن الوصول غليها بسهولة من خلال قائمة المهام المُتعدّدة، لا توجد طريقة مُباشرة للوصول إلى العمليّات التي تتمّ في الخلفيّة لإيقافها، غير أنّ إيقاف تشغيل الجهاز سيؤدّي حتمًا إلى توقُّف هذه العمليّات، وبالتالي تتمثّل الخطوة التالية لتبريد الهاتف الساخن في إعادة تشغيل الهاتف أو إيقاف تشغيله مؤقّتًا إلى أن تنخفض درجة حرارته.
خفض سطوع الشاشة
تُعتبر الشاشة هي أكثر أجزاء الهاتف استهلاكًا للطاقة، ويعني هذا أنّها تولّد الكثير من الحرارة أيضًا أثناء التشغيل. وبالتالي؛ يُمكن أن يُفيد خفض استهلاك الشاشة للطاقة في خفض درجة حرارة الهاتف. وواحدة من الطُرق الفعّالة لخفض استهلاك الشاشة للطاقة وتبريد الهاتف تتمثّل في خفض مستوى سطوع شاشة الهاتف.
إيقاف تشغيل البيانات الخلوية
يستهلك الهاتف قدرًا إضافيًّا من طاقة البطّاريّة أيضًا عندما تكون بيانات الهاتف المحمول قيد التشغيل حيث يظلّ الهاتف مُتّصلًا بأبراج الشبكات الخلويّة القريبة ومُستعدًّا لإدارة عمليّات إرسال وتلقّي البيانات منها، وهي عمليّة تتطلّب قوة مُعالجة كبيرة ممّا يولّد قدرًا من الحرارة. وأحد الحلول المُقترحة لخفض الحرارة الناتجة عن هذه العمليّة تتمثّل في إيقاف تشغيل بيانات الهاتف الخلويّ، وبدلًا من ذلك يُمكننا التحوّل إلى تشغيل خدمات الواي فاي التي تستهلك قدرًا أقلّ من الطاقة وموارد الهاتف.
فحص الهاتف باستخدام برامج مكافحة الفيروسات
قد يكون الارتفاع المفرط في درجة حرارة الهاتف ناجمًا أيضًا عن إصابة الهاتف ببعض الفيروسات أو البرمجيّات الخبيثة، والتي تُسبّب استهلاك موارد الجهاز بمُعدّلات أعلى، أو فتح الكثير من النوافذ المُنبثقة على الهاتف، لذا لا بُدّ من تثبيت أحد برامج مُكافحة الفيروسات القويّة على الهاتف، واستخدامه لإجراء فحص للهاتف عندما ترتفع درجة حرارة الهاتف.
عدم استخدام الهاتف أثناء الشحن
يؤدي توصيل الهاتف بمصدر التيّار الكهربيّ أثناء عمليّة إعادة شحن البطّاريّة إلى زيادة درجة حرارة الهاتف بطبيعة الحال نظرًا لكونها عمليّة كهروكيميائيّة مُنتجة للحرارة يتمّ خلالها فصل أيّونات الليثيوم عن الطرف الموجب لخلايا بطّاريّة أيّون الليثوم وإعادة مُراكمتها عند الطرف السالب للبطّاريّة. وفي حال استخدام الهاتف الذكيّ بالتزامن مع عمليّة الشحن يكون هُناك حرارة ناتجة عن تشغيل المُعالج ومكوّنات الجهاز الأخرى بالإضافة إلى الحرارة الناتجة عن عمليّة إعادة شحن البطّاريّة، وهو ما من شأنه أن يُسبّب زيادة كبيرة في حرارة الهاتف من المُمكن أن تُشكّل خطورة على سلامة مكوّنات الجهاز، لذلك لا يُنصح باستخدام الهاتف بالتزامن مع عمليّة إعادة الشحن، وعند الحاجة لاستخدام الهاتف فمن الأفضل فصله عن مصدر التيّار أثناء الاستخدام.
كذلك ينبغي التأكّد من سلامة وجودة الشاحن الذي تستخدمه وملاءمته لنوع الهاتف، فقد تتسبّب الأنواع الرخيصة غير الموثوقة من الشواحن أو الشواحن غير المُتوافقة إلى رفع درجة الهاتف بصورة كبيرة أثناء عمليّة الشحن نتيجة سحب تيّار كهربيّ من مصدر الطاقة.
وضع الهاتف في بيئة أقلّ حرارة
قد يكون السبب في ارتفاع درجة حرارة الهاتف بشكل فادح أيضًا هو وجوده في بيئة حارّة للغاية أو سيئة التهوية أو بالقُرب من مصدر للحرارة، وبالتالي لا بُدّ من إبعاد الهاتف الذكيّ عن مصدر الحرارة ووضعه في بيئة جيّدة التهويّة ذات حرارة مُعتدلة. إذا أصبح هاتفك ساخنًا فلا يجب أن تُبقيه مُعرّضًا للشمس في يوم قائظ، أو تتركه بالقرب من فرن أو مصدر للحرارة، أو تتركه أسفل الوسائد وأكداس الكتب أو في مكان مُقفل سيء التهوية، وحاول ألّا تُبقيه في جيبك أو داخل حقيبتك، وتجنّب أن تضعه على تابلوه السيّارة وهي ساخنة. حاول وضع الهاتف على سطح مستوي مُعتدل الحرارة في مكان جيّد التهوية أو غرفة مُكيّفة الهواء ممّا يُساعد على خفض درجة حرارته.
قد يتبادر إلى أذهان البعض أن أسرع طريقة لتبريد الهاتف وخفض درجة حرارته يُمكن أن تكون بوضعه في الثلاجة، وهو تفكير خاطئ تمامًا إذ يمكن أن تؤدّي التغيرات المُفاجئة في درجة الحرارة إلى تلف مكوّنات الهاتف بشكلٍ دائم. كذلك تجنّب وضع الهاتف الذكيّ في الماء لتبريده، حتّى وأن بعض الشركات تروّج لبعض أنواع هواتفها الذكيّة باعتبارها مقاومة للماء، فعندما تزداد حرارة مكوّنات الهاتف الداخليّة فإنّها تتمدّد، وعند مُحاولة تبريدها فُجائيًّا بوضعها في الثلاجة أو في الماء يُمكن أن تتغلغل الرطوبة وقطرات الماء إلى داخل الهاتف وتتسبّب في التوصيل الخاطئ بين أجزاء الدوائر الإلكترونيّة وهو ما يمكن أن يُتلف مكوّنات الهاتف بصورة دائمة.
المصدر: عالم الكمبيوتر