هل يستطيع أحد التجسس من خلال “كاميرا” الهاتف؟

ساعد انتشار الهواتف الذكيّة على الاعتماد بشكل متزايد على الإنترنت في التواصل مع الآخرين، وخاصّة باستخدام وسائل الاتّصال التي تعتمد على الصوت والفيديو. كما أدت جائحة كورونا إلى تحول آلاف الأشخاص حول العالم للعمل عن بعد، ممّا ضاعف بدوره من استخدام تطبيقات الدردشة سواء في إطار العمل، أو حتى في العلاقات الاجتماعيّة، وأصبحت هواتفنا تمتلئ بالكثير من التطبيقات التي منحناها الإذن وقتٍ ما لاستخدام كاميرا أو ميكروفون الهاتف بشكل تلقائيّ دون طلب موافقتنا في كُلّ مرّة.

 

لا يخلو استخدام مثل هذه النوعيّة من التطبيقات من نسبة مُخاطرة. هُناك دائمًا مخاوف تتعلّق بالخصوصيّة مع كُلّ تطبيق نُثبّته على الهاتف خشية أن يخفي بين طيّاته برمجيّات خبيثة أو برامج تجسّس تسمح بالتسلّل إلى بياناتك ومعلوماتك الخاصّة، فماذا لو كان هذا التطبيق يملك أيضًا صلاحيّة الوصول لكاميرا وميكروفون الهاتف؟ هل يُمكن اكتشاف ما إذا كان هناك من يتجسّس عليك؟ وهل من سُبل مُتاحة لحماية كاميرا وميكروفون الهاتف من الاختراق؟ نُجيب عن جميع هذه التساؤلات في السطور التالية.

على الرغم من حالة الريبة والتشكّك التي كثيرًا ما تُثيرها في نفوسنا الإعلانات التي تظهر على هواتفنا الذكيّة، والتي تُعلن عن أشياء سبق لنا وتحدّثنا عنها في مُحادثاتنا الهاتفيّة أو في أحاديثنا اليوميّة العاديّة، فإن مُعظم الشركات العاملة في مجال تقنيات الأمن السيبرانيّ تنفي احتماليّة لجوء المُعلنين إلى التجسّس على الجمهور المُستهدف من الإعلانات باستخدام كاميرات وميكروفونات هواتفهم الذكيّة لمعرفة اهتماماتهم، وذلك لصعوبة استخلاص معلومات هامّة وذات قيمة من بين أطنان من المحادثات والمُكالمات اليوميّة التي يُجريها ملايين الأشخاص. سبق لنا تفسير هذه المسألة بشكل مُفصل في موضوع “هل تتنصّت هواتفنا الذكيّة على محادثاتنا؟” أوصيكم بمراجعته.

 

لكن كُلّ ما في الأمر أن أولئك المُعلنين لديهم وسائل أكثر فاعليّة لتحليل البيانات وفحص سجلّات النشاط ومُحرّكات البحث الخاصّة بالمُستخدم ممّا يُساعدها على تخمين اهتماماته. وبالتالي تكون احتماليّة أن تستخدم بعض التطبيقات كاميرات وميكروفونات الهواتف المحمولة بصورة غير قانونيّة دون علم المُستخدمين لخدمة أهداف المُعلنين تظلّ احتماليّة ضئيلة للغاية.

 

أمّا مصدر القلق الحقيقيّ فيكمن في احتماليّة أن تقوم إحدى الجهات أو أحد المتلصّصين أو المهاجمين الإلكترونيّين بالتسلّل إلى الهاتف واختراق الكاميرا والميكروفون لكي يتمكّن من التحكُّم فيهما عن بُعد بغرض مُراقبة الأشخاص المُستهدفين، واستغلال ذلك في إطار غير قانونيّ في عمليّات الابتزاز أو السرقة أو الاحتيال وأشياء من هذا القبيل.

لذلك عملت الشركات المُصنّعة للهواتف على مدار السنوات الماضية على رفع درجات الأمان والخصوصيّة لمُستخدميها من خلال إضافة بعض العلامات أو المؤشّرات التي يستطيع المُستخدم من خلالها معرفة أنّ أحد تطبيقات الهاتف يُشغّل كاميرا أو ميكروفون الهاتف في الوقت الحاليّ، وقد جعل هذا الأمور أصعب قليلًا على المُتلصّصين بحيث يصعب أن تمرّ عمليّات تشغيل أجهزة التصوير أو التسجيل دون اكتشاف ذلك من المالك الحقيقيّ للهاتف.

تحتوي هواتف آيفون بدءًا من الأنواع التي تستخدم الإصدار iOS 14 والإصدارات الأحدث من نظام التشغيل على سبيل المثال على نُقطة أو مؤشرات في شريط الحالة الموجود في الجزء العلويّ من الشاشة تُضيء باللون البرتقاليّ إذا كان هُناك تطبيق يُشغّل ميكروفون الهاتف في الوقت الحاليّ، ونُقطة أخرى مُجاورة لها تُضيء باللون الأخضر إذا كان هُناك تطبيق يُشغّل كاميرا الهاتف أو الميكروفون والكاميرا في الوقت الحاليّ. على أي حال، إذا لاحظت ظهور المؤشرات البرتقالية والخضراء في شريط الحالة قم بعرض مركز التحكم (Control Center) لتتعرف على التطبيق الذي كان أو مازال يستخدم الكاميرا أو الميكروفون.

بدءًا من هواتف الأندرويد التي تستخدم الإصدار أندرويد 12 أو الإصدارات الأحدث من نظام التشغيل، سوف تظهر أيقونة الميكروفون أو أيقونة الكاميرا في الجانب الأيمن من شريط الحالة الموجود في الجزء العلويّ من الشاشة بمُجرّد أن يقوم أحد التطبيقات المُثبّتة على الهاتف بتشغيل الكاميرا أو الميكروفون، وسُرعان ما تظهر نقطة خضراء أيضًا في نفس موضع هذه الأيقونات لكي تُبرهن بوضوح أن هُناك عمليّة تصوير أو تسجيل للصوت تجري الآن.

يُمكن التحقّق ممّا إذا كان هاتفك يوفّر مزايا العلامات المرئيّة السابقة المميّزة لتشغيل الكاميرا والميكروفون أم لا، واختبارها إن وُجدت، سواء في حالة هواتف الآيفون أو في هواتف الأندرويد عن طريق إجراء مُكالمة صوتيّة أو مُكالمة فيديو باستخدام أحد تطبيقات الاتّصال بالفيديو مثل تطبيق فيسبوك ماسنجر أو واتساب ومُلاحظة ظهور العلامات التي ذكرناها في شريط الحالة أثناء المُكالمة من عدمه، مع مُراعاة أنّ هذه العلامات لا تظهر في حالة المُكالمات الهاتفيّة العاديّة.
على الرغم من ذلك يستطيع القليل من المُهاجمين الإلكترونيّين المحترفين يمتلكون وسائل متطوّرة للغاية تمكّنهم من إيقاف تشغيل هذه المزايا ومنع اكتشاف أمرهم عند التجسّس على ضحاياهم. لذلك في الفقرة التالية نُفصّل أهم الإجراءات المطلوبة للحماية من اختراق كاميرا وميكروفون الهاتف.

تُعتبر الإمكانيّات المطلوبة لكي يتمكّن أحد المُتلصّصين من تعطيل ميزة ظهور النقاط المُضيئة والأيقونات الدالّة على تشغيل الكاميرا والميكروفون في شريط حالة الهاتف مُعقّدة وغير متوفّرة سوى لعدد محدود من المُهاجمين الإلكترونيّين لحُسن الحظ، وبالتالي لا داعي للقلق من أن يتم إيقاف تشغيل هذه المزايا على هاتفك دون علمك، ما لم تكُن صيدًا ثمينًا وهدفًا بالغ الأهمّية لعُتاة المهاجمين الإلكترونيّين الذين يركّزون جهودهم في معظم الأحوال لاختراق أجهزة الشخصيّات العامّة أو المسؤولين الكبار أو الشركات والمؤسّسات الاقتصاديّة الكُبرى. في جميع الأحوال لا يحتاج المُهاجم الإلكترونيّ سوى لاستغلال خطأ ما ترتكبه بنفسك لكي يتمكّن من الوصول إلى جهازك وتشغيل الكاميرا أو الميكروفون.

 

تُعدّ الوقاية خير من العلاج في أغلب الحالات، وإذا كُنت لا تزال قلق بشأن تشغيل كاميرا أو ميكروفون هاتفك، فهُناك إجراءات يُمكن من خلالها تفادي حدوث ذلك. وفيما يلي أهم الإجراءات الواجب اتّباعها للحماية من اختراق كاميرا وميكروفون الهاتف:

  • احرص على تثبيت التطبيقات من مصادر موثوقة، وتجنّب تحميل وتثبيت الألعاب مجهولة المصدر أو الملفّات المُرسلة من مواقع وعناوين ويب مشبوهة.
  • حاول تقليل التطبيقات المُخصّصة للمُحادثات الصوتيّة ومُكالمات الفيديو على هاتفك قدر الإمكان لتقليل فُرص اختراق كاميرا وميكروفون الهاتف أو تشغيلها بدون علمك.
  • احرص على عدم منح الإذن لأيّ تطبيق باستخدام كاميرا وميكروفون الهاتف ما لم يكُن ذلك ضروريًّا، وجزءًا أساسيًّا من العمل الذي يؤدّيه التطبيق الذي يُعتبر تثبيته ضروريًّا بدوره.
  • تسمح بعض المواقع والتطبيقات المُخصّصة للمُحادثات الصوتيّة ومُكالمات الفيديو، مثل تطبيقات زوم وسكايب وجوجل هانجاوت على سبيل المثال، بإجراء المُكالمات عن طريق تسجيل الدخول إلى حسابك على الموقع واستخدامه عبر مُتصفّح الويب دون الحاجة إلى تثبيت أيّ تطبيقات أو برامج تتطلّب منح أيّ أذونات على هاتفك. ويُعد استخدام هذا النوع من الخدمات عبر مُتصفّح الويب أكثر أمانًا إلى حدّ ما من تحميل التطبيقات المُخصّصة وتثبيتها على الهاتف، والتي يشترط عملها في مُعظم الأحوال السماح للتطبيق بالوصول إلى كاميرا وميكروفون الهاتف في أيّ وقت، ويُراعى أيضًا استخدام مُتصفّحات ويب آمنة وموثوقة بدرجة عالية مثل جوجل كروم وسافاري وفايرفوكس.
  • تأكّد من إغلاق التطبيقات التي تستخدم الكاميرا أو الميكروفون، والتي قُمت بتشغيلها بنفسك، بمُجرّد أن تنتهي من استخدامها.
  • احرص على تثبيت تحديثات الأمان، وتفعيل التحديث التلقائيّ لبرامج وملفّات النظام، والتي تطرحها الشركة المُطوّرة لنظام تشغيل الهاتف لعلاج وإصلاح المُشكلات وسدّ الثغرات الأمنيّة في البرامج فور اكتشافها.
  • يُمكن الاستعانة ببرامج حماية ومكافحة فيروسات قوية، ولكن يُراعى شراءها وتثبيتها من مصادر موثوقة.
  • تحقّق من آن لآخر من قائمة الأذونات لمعرفة التطبيقات التي سبق لك منحها الإذن بالوصول إلى كاميرا وميكروفون هاتفك، وقُم بإلغاء الأذونات غير الضروريّة منها أو التي لم تعُد بحاجة لها. يُمكن الوصول إلى هذه الأذونات والتحكُّم فيها على هواتف الأيفون عن طريق فتح “الإعدادات” Settings وبعدها توجه إلى قسم “الخصوصية والأمن” Privacy & Security بعد ذلك اضغط على “الكاميرا” ثُم تحديد التطبيق المطلوب إلغاء إذن استخدام الكاميرا له والضغط على زرّ التبديل المُقابل له لتعطيله، ثُمّ نعود من جديد إلى قائمة “الخصوصيّة”، وفي هذه المرّة نضغط على خيار “الميكروفون”، ونُكرّر خطوة تحديد التطبيق المطلوب منعه من استخدام الميكروفون، ونضغط على زرّ التبديل المجاور له لتعطيله.
لا تختلف الخطوات كثيرًا في حالة هواتف الأندرويد، فكُلّ ما علينا فعله لإلغاء الأذونات غير المرغوب فيها هو فتح تطبيق الإعدادات، والانتقال إلى “التطبيقات”، ثُم الضغط على خيار “إدارة التطبيقات”، والانتقال إلى قسم “الأذونات” التي تظهر أعلى قائمة التطبيقات في الجزء العلويّ من الشاشة، أو اضغط على زر القائمة  ليظهر خيار “إدارة الأذونات”. في الصفحة التالية توجّه إلى خيار “الكاميرا”، ثُم الضغط على اسم التطبيق المطلوب إلغاء إذن استخدام الكاميرا له ونقوم بتحديد الخيار “عدم السماح”، ثُمّ نعود من جديد إلى قائمة “الأذونات”، وفي هذه المرّة نضغط على خيار “الميكروفون”، ونُكرّر خطوة الضغط على اسم التطبيق المطلوب منعه من استخدام الميكروفون، ثُم نُحدّد الخيار “عدم السماح”.

إذا كان هاتفك يسمح بذلك، قم بتعطيل الكاميرا والميكروفون بشكل مؤقت بحيث تستخدمها فقط عند الحاجة إلى ذلك. هواتف سامسونج تتيح هذه الخاصية وقد شرحنا كيفية تفعيلها في مقال: كيفية تعطيل الكاميرا والميكروفون مؤقتًا في هواتف سامسونج.

 

هناك طُرق إضافيّة متنوعة لمنع كاميرا أو ميكروفون الهاتف من أن تصبح أداة تجسس خفيّة محمولة في هاتفك، مثل تغطية الكاميرا بشريط لاصق أو مادة معتمة، أو شراء أجهزة كتم الصوت المُخصّصة التي يتم تركيبها في سمّاعات الرأس لمنع تشغيل الميكروفون متى أردنا ذلك، ولكن على الرغم من أنّ هذه الحلول قد تكون ناجحة مع أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو أجهزة التابلت، إلا أنّها تبدو غير عمليّة وغير مريحة بعض الشيء بالنسبة للهواتف المحمولة وتضطرّك لنزع الشريط اللاصق أو إزالة كاتم الصوت عند الحاجة إلى إجراء مكالمة هاتفية أو التقاط صورة باستخدام كاميرا الهاتف، ناهيك على الأثر الذي تتركه بقايا الشريط اللاصق على عدسات الكاميرا ممّا يقلل من كفاءتها.

 

المصدر: عالم الكمبيوتر

التجسس من قبل الهواتفكاميراهاتف