المسرحي اللبناني ربيع مروة ينبش ذاكرة الحرب الأهلية

يقدم مسرح الفنان اللبناني ربيع مروة أعماله في مهرجان الخريف في باريس في محاولة منه لجعل اللبنانيين يفكرون في ما جرى بينهم في سنوات الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت رسمياً في العام 1990، لكنها في ما زالت ماثلة في مسرحه.
ويقول مروة البالغ من العمر 46 عاماً: “هدفي من عملي في المسرح أن أدفع الناس إلى التفكير، بعيداً عن الانجراف في المشاعر”.
وعلى ذلك، فإنه يقارب بدقة شديدة قصة شقيقه ياسر في مسرحية “يمتطون غيمة” التي تعرض في مسرح “لا سيتيه” الدولي، ويشارك فيها ياسر نفسه تمثيلاً ومشاهدة لأفلام تعرض وراءه تشكل شيئاً فشيئاً قصة الأحداث التي عاشها في حياته، من مشاهد طفولته مع العائلة، ومن ثم سنوات المراهقة وهو يعزف الغيتار وصولاً إلى الحادث الكبير الذي غيّر حياته.
فقد انقلبت حياة ياسر رأساً على عقب في العام 1987، وكان آنذاك ابن سبعة عشر عاماً، حين اخترقت رأسه رصاصة قناص لم تقتله، ولكنها تركته يعاني من اضطرابات في النطق، ورغم ذلك أصبح شاعراً.
ومن خلال قصة ياسر، يعيد ربيع تشكيل صورة للحرب الأهلية، ليثير في ذاكرة الجمهور الصفحات المخفية من النزاع.
ويقول ربيع مروة: “بدأت العمل في المسرح في التسعينات، وكان في العام 1998 حين أنجزت عملاً مسرحياً راديكالياً أثار رفضاً في لبنان”، حيث يفضل المجتمع نسيان حرب انتهت بدون مصالحة حقيقية وبدون بحث في اسبابها وتقييم لنتائجها.
وفي العام 2007 وقع عمل له تحت عنوان “لكم تمنت نانسي لو ان كل ما حدث لم يكن سوى كذبة نيسان”، تحت مقص الرقيب.
ويقول مروة: “في ذلك العمل سميت المسؤولين عن الحرب بأسمائهم، وهذا غير مسموح، فهؤلاء المجرمون، وكلهم كذلك دون استثناء، هم من يمسكون بزمام الامور اليوم” في لبنان.
لكن العمل المسرحي وجد طريقه في النهاية للإفلات من الرقيب وبلوغ خشبة المسرح، وذلك بفضل وزير الثقافة آنذاك الذي تحدى قرار الامن العام اللبناني وابطله.
ومنذ ذلك الحين لم يعد ربيع مروة يقدم أعماله لمكتب الرقابة.
ويوضح ذلك بالقول: “أقدم مسرحياتي ليومين او ثلاثة فقط في بيروت دون مقابل، وحين أسأل عن ذلك أجيب بأنها عروض خاصة” وليست عروضاً عامة للجمهور.
ومنذ العام 2007، بات ربيع مروة اسماً معروفاً في أوروبا والولايات المتحدة، وأتاح له ذلك أن يتخلّى عن عمله التلفزيوني وأن يتفرغ لانتاجه المسرحي.
وعلى هامش المهرجان، يشارك ربيع في ندوة حول الصور والمقاطع المصورة التي وثقت للاحتجاجات في سورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
ويقول في هذا السياق: “كنت متفائلاً جداً مع الثورات العربية، كانت المرة الأولى التي يتحرك فيها العالم العربي بدون سطوة قائد او حكم انقلاب عسكري”.
ويضيف: “فشلت هذه التحركات لغياب البديل، ولأن الأنظمة الاستبدادية الفاسدة قوية جداً، وبسبب غباء الأميركيين والأوروبيين الذين لم يحسنوا التصرف… ولا سيما في سورية”.

أ ف ب