نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التركية لم تأت على مستوى توقعات المعارضة، التي أشارت استطلاعات الرأي إلى تقدمها على الرئيس، رجب طيب إردوغان. لكن الأخير تمكن من الحفاظ على مكانته، والانتقال إلى جولة انتخاب ثانية، يسعى الطرفان إلى جعلها لحظة نصر، مع قناعتهما بضرورة تغيير الاستراتيجيات والتصريحات الانتخابية لحسم المعركة.
ووفق نتائج الجولة الأولى، حصل إردوغان على أغلبية الأصوات، لكنه فشل بفارق ضئيل في تحقيق الأغلبية المطلقة (أكثر من 50%) ليضطر إلى خوض جولة الإعادة التي يمكن أن تشكل فرصة للمعارضة لاستثمار الفرصة.
فرصة؟
تعد هذه آخر فرصة لمرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، لكسب مزيد من الأصوات بالقيام ببعض التغييرات في استراتيجيته خلال الحملة الانتخابية قبل موعد الدور الثاني المقرر في 28 مايو الجاري.
لكن ما هي خطة كليتشدار أوغلو والمعارضة؟
يشير تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” أن المعارضة بدأت تلعب ورقة القومية لحمل الأتراك على الانتخاب لصالح كليتشدار أوغلو، لكن ذلك ينطوي على مجازفة وفق آراء متطابقة.
الصحيفة نقلت عن الكاتب الصحفي، كمال جان، قوله “عندما يحتاج السياسيون في تركيا لرؤية نتائج سريعة، فإنهم يلعبون ورقة القومية”.
تحول
بمرور الحملة الانتخابية، تحول خطاب كليتشدار أوغلو من الحديث عن الربيع الذي ينتظر تركيا إلى “خطابات عدوانية تعد بطرد ملايين المهاجرين” وفق وصف الصحيفة.
وبحسب ذات الصحيفة، تهدف “مناورة” كليتشدار أوغلو الأخيرة إلى تغيير مسار الحملة قبل الجولة الثانية من التصويت، حيث يتمثل التحدي الذي يواجهه في سد الفجوة التي تبعده عن إردوغان، بنسبة 49.5 في المائة مقابل 44.9.
ويوجد في تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وآخرون هاجروا من دول بما في ذلك أفغانستان.
وضمن سياسته الجديدة لتوسيع نطاق المنتخبين لصالحه، ولا سيما من أولئك الذين انتخبوا لصالح سنان أوغان، وهو مرشح قومي حصل نسبة غير متوقعة (5 في المائة) خلال الجولة الأولى، سيركز كليتشدار خلال حملته على مواضيع تتعلق بالقومية التركية، حيث سيجدد وعيده بطرد المهاجرين إذا تمكن من الفوز بالانتخابات.
والهجرة هي قضية رئيسية عبر الأحزاب السياسية.
في هذا السياق، يسعى المعارضون لإردوغان والمؤيدون لكيليتشدار أوغلو لدعمه بالقاعدة الانتخابية لسنان أوغان وذلك بالتركيز على موضوع الهجرة والقومية التركية.
مخاطر؟
لكن أحد أعضاء البرلمان السابق في حزب الشعب الجمهوري بزعامة كيليتشدار أوغلو اعتبر ذلك، انحرافا كبيرا نحو اليمين معتبرا ذلك “إشارة إلى اليأس الذي بلغه مرشح المعارضة” وسيعود بنتائج عكسية في نهاية المطاف.
وقال هذا النائب السابق، الذي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته، إن كيليتشدار “يحتاج إلى تقديم صورة لقائد هادئ وقادر وثابت”.
ثم تابع “بهذه الطريقة، يضمن تصويت الكثير من الناس، بمن فيهم الأكراد وغيرهم ممن يشعرون بأنهم ضحية لهذا الخطاب الجديد”.
من جانبه، لفت ألب كوكر، المحلل في مؤسسة JS Held الاستشارية، إلى أن كيليتشدار يستخدم منذ فترة طويلة لغة قاسية مع اللاجئين، وقال لفايناشيل تايمز: “ما تغير هو نبرة الرسالة وبروزها أكثر”.
ورجح كوكر بأن هذا الموقف من المحتمل أن يروق لقطاعات كبيرة من قاعدة حزب الشعب الجمهوري، لكنه يمكن أن يزعج بعض المؤيدين الليبراليين في المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة.
كما أوضح أن ذلك مخاطرة بصد الناخبين الأكراد اليساريين الذين دعموه بأغلبية ساحقة بعد أن أيدت المعارضة الكردية ترشيحه.
مديرة معهد اسطنبول للبحوث السياسية، سيرين سيلفين كوركماز، قالت في الصدد، إن الطاقة التي حفزت تحالفا واسعا من الناخبين لدعم كيليتشدار قد تلاشت إلى حد كبير، حيث يتجنب قادة الأحزاب الخمسة الأخرى في التحالف الصحافة والجمهور لأن “لا أحد يريد أن يتحمل اللوم عن هذه الهزيمة”.
وختمت “الآن يجب أن تتضمن استراتيجية المعارضة ترسيخ فكرة الفوز في أذهان قاعدة محيطة”.
والخميس الماضي، تعهّد كيليتشدار أوغلو بإعادة ملايين المهاجرين سعيا لكسب تأييد القوميين المتشددين الذين ساهموا في دفع انتخابات نهاية الأسبوع الماضي الرئاسية إلى دورة ثانية.
أدلى زعيم المعارضة العلمانية بأول خطاب له منذ انتخابات الأحد، حيث كان أداؤه الأفضل للمعارضة منذ تولى إردوغان السلطة قبل عقدين.
لكنه لم يرق إلى توقعات الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات وخيّب آمال المعارضة.
أدخل زعيم المعارضة مذاك تغييرات في فريق حملته وشدد رسالته لكسب الناخبين اليمينيين في الدورة الثانية.
كما يخطط لعقد لقاء مع أوغان، الذي لم يحسم قراره بعد بشأن الشخصية التي سيدعمها.
وكان كيليتشدار أوغلوا، قد قال مخاطبا إردوغان: “لم تقم بحماية الحدود وشرف البلاد.. أدخلت عمدا أكثر من 10 ملايين لاجئ إلى هذا البلد.. فور وصولي إلى السلطة، سأعيد كل اللاجئين إلى بلدهم”.
وسبق أن أشار أوغان إلى أنه لن يدعم إلا مرشّحا ينفّذ حملة أمنية ضد المهاجرين ويكافح “الإرهاب”، وهو المصطلح المستخدم في تركيا لدى الحديث عن المقاتلين الأكراد.
حظي إردوغان وحزبه الإسلامي بتأييد واسع في أوساط المسلمين في العالم لاستقباله الفارين من النزاعات في بلدان مثل سوريا.
وباتت تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين والمهاجرين في العالم بلغ عددهم خمسة ملايين خلال العقد الأخير.
وساهم اتفاق منفصل عام 2016 بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في التخفيف من أزمة الهجرة التي واجهتها أوروبا عبر السماح للأشخاص الساعين للوصول إلى غرب أوروبا بالاستقرار في تركيا.
حصلت تركيا من بروكسل على تمويل قدره مليارات اليورو من أجل البرنامج.
لكن تسارعت الأزمة الاقتصادية مع اقتراب الانتخابات، ما أدى إلى ازدياد حدة المشاعر المعادية للمهاجرين.
المصدر: الحرة