جوان حمي/ كاتب و طبيب سوري
(تَوَسَلتُ الربً عن جنة جائزةً، همسَ خاشعاً، متصدعاً؛ قلب امرأة أَحبَّتكَ)
أَوَ تعلم أنّ كلّ زهرة ياسمين كانت في الأصل امرأة أذابها العشق، وأبقى منها فقط، على رقة قلبها؛ رقّةً لأوراق زهر الياسمين. أ تدري أن كل كبش قرنفل كان حُبَّ امرأة، طحنته أرحاء قلوب الذكورة مثنى ثلاث ورباع، فأضحتْ ذروراً في مهب ريح الذكورة، وإن كل فراشة ارتطمت بسُرِج الغدر كانت في الأساس امرأة احترقت بلهيب الذكورة، وكل غزالة تفجّر طحالها، كانت امرأة أَكْمَدَها العشق، وكل حورية في البحر هي امرأةٌ هاربة من بَرِّ الذكورة ويباسها.
أ تعلم أن سكر هذه الأرض هي المرأة، وقلة منهنَّ ملحها، وكل الآلهات مؤنثات إلا الحرب إلهها مذكر، أتدري أن كل حرف من كلمة حر كان امرأة اُسْتُعبِدَتْ بباء طاغية، وكل حرف من كلمة حب كان امرأة، أغتصبت براء عاتية الحرب، وإن الشيب يغزو شعر المرأة آجلاً، لكن المآسي تستعمر قلبها عاجلاً، وكل شعرة بيضاء هي تذكار من ذكورة تافهة، المرأة لا تحتاج ترجمانات للألم، ألمهنّ لغة عالمية بدءاً بلغة أمي وانتهاء بلغات الصقالبة الروم.
منذ أمنا حواء وفي كل مئة عام تُخلق امرأة واحدة فقط، تَهمس لرجل واحد فقط، ولمرّة واحدة فقط، وهي تعي عين اليقين إن شرارة مأساتها سَتُقدح تواً: إني أُحبُّكَ يا هذا!!!، وأنت يا أيها الهذاء سَوِّر لها قلبك حصناً حصيناً فهي لأجلك قد شرعت في العبث بعدّاد عمرها، تلك المرأة يا صديقي ستبقيك في قيود شغافها، ستُسْكِرُكَ صباحاً بقهوة زائدة الحب، فلا تخنها حتى في أحلامك، ولئنْ خنتها فسيكون ذلك إثمكَ الأول والأخير بحقها-إلهي كان على الفقهاء واجب إضافة هذا الإثم للسبع الكبائر-وعقابك عندها وبالتضاد من جدنا ابن تيمية أبداً ليس من جنس إثمك؛ هي لن تخونْكَ، لكنها ستطبق عليك أقصى العقاب؛ ستهجركَ وهذا لعمري أقسى العقابات للرجال فقط، وانتبه جيداً فحين رحيلها عنكَ، ستترُكُك في قاع قلبها، طحل قهوة شديد السواد “ذكراً” غير صالحٍ للحبّ إطلاقاً؛ سترسل فؤادك لمتلاف المهملات في قلبها ولَنْ تجد ” أنثاكَ” المقبلة قلباً لديك لتقيم فيه ستترك في البقية الباقية من قلبك ندبة لا تقوى على إزالتها كل المُجَمِّلات، ندبة تظل تخِزُكَ كلما صافحت أنثى غيرها.
ما انفك الرجل منذ بدء الخليقة يقلق أبداً على ياسمين عيونهن، فيما الذكر يخاف من مرود كحلهن بخاصة حين صَفْعِها في سياق ذكوريتك العبثية معها، لن تنتصر عليها فهي لن ترد لك الصفعة، لكنها أيضاً لن تدير لك خدها الأيمن؛ فحيّزُ قلبها المستوعِب للألم أكبر من نظيره عند الذكور أَعدّته لتخفيف وقع جروح الذكورة، لكن لا ضمادات تكفي لتلك الجروح، وعندما تخفض عينيها لا خوفاً منك بل مُجَنِبة إيّاكَ رؤية الياسمين في عينيها فأنت صرت لا تستحق ياسمينة منها حتى لو كاذبة، حبات الياسمين تلك على خديها هي كل دفاعاتها تجمعهم، تذيبهم في أتون قلبها حتى الانصهار، تصبهم كمِسَلّةوبخصلات من شعرها تختاط بها جروح صفعاتك في قلبها، وما فاض من هذا المذاب تصبهم خنجراً مُقَسِّيةً إياه بالتبريد في بحر مأساتها طامرة إياه في عمق جرح قلبها، وقد تستغرق سنوات في سَنّه ،محتفظة هي بحق الرد عليك في وقتها المناسب ؛ ربما وهي تغسل حذائها من طين حبكَ، ربما وهي تحمل صليبها وسائرة في درب آلامها الذكورية، حينها ستكون أنتَ مُثاباً فقط باجترار هزائمكَ منها، وكما إن المرأة تشتم نفسها ألف مرة قبل أن تشتمك وكذلك عندما تقرر طعنكَ، ستكون قد أَولجَتْ ثلثي خنجرها الياسميني في قلبها أولاً، وفقط بثلثه الباقي ستطعن قلبكَ أنتْ تالياً، ويا ويل أمك من هول هذا الثلث طعن، بعدها ستقضي عمرك باحثاً عن امرأة تنزع من فؤادك هذا الثلث …. ولن تجدها.
وأقسم بالثلاثين جزءاً للقرآن إن كل امرأة تنظر في مرآتها صباحاً متسائلة هل هنالك امرأة توازيني جمالاً!!!! وتُجِيبُها مرآتها نفس الإجابة كل يوم ومهما عتيت بها السنون بأنْ لا؛ خافية أبداً لجمرة في قلبها؛ تتحاشي إفلاتها لئلا تُوْلَّعَ نار تحرق أخضرها قبل يابسنا، عقب ألق الرجل الأول يتساوى عندي كل الذكور؛ هذا ما قالته لي امرأة من عصر النبلاء، صعقت مرات بكهرباء الذكورة، وهي تشحذ وتُبْردُ راس خنجر ياسميني.
وبعد كل هذا فأخطاؤنا شائعة في إنْسابِ الكلمات للتذكرة والتَأنِثَة؛ القلب مثلاً فتذكيره خطأٌ لغوي جسيم في اللغات العربية والكوردية؛ الذكور لا تحترق قلوبهم أبداً بلوعة الحب، فقط الوحيدة التي يحترق قلبها لوعة هي المرأة إذاً وبالإذن من جهابذة اللغات يتوجب علينا تأنيث هذه المفردة؛ (هذه القلب، Ev dila min)، والذكورة كلمة مؤنثة أبدعتها أمنا حواء لتعبر بها عن كل المكروهات والطغاة، أخيراً يا صديقي اعلمْ إن الرجولة كلمة مؤنثة تَصدّقتْ بها المرأة علينا.
حوقلوا ما استطعتم وبسملوا: لكن لا جنة لمن يكسر قلب امرأة.
(1) كبش القرنفل: زهر القرنفل الجافة.
(2) مِسَلَّة: إبرة كبيرة لخياطة أكياس الخيش.