وتشير دراسة أجراها المعهد الدولي لدراسة التشدد والعنف السياسي في كلية كينغز في جامعة لندن أن فتيات لا يتعدى عمرهن 14 إلى 15 عاما يسافرن إلى سوريا للزواج من الجهاديين والإنجاب منهم والإنضمام لمجتمع المقاتلين، ولكن التقرير يقول إن هناك قلة منهن حملن السلاح وشاركن في المعارك.
وأوردت صحيفة «الغارديان» التي نشرت جزءا من نتائج التقرير تصريحات لشياستا غور، من «شبكة المسلمات البريطانيات» إن هناك معلومات قليلة متوفرة عن دوافع الفتيات المسلمات أو ما يجري لهن بعد خروجهن من بيوتهن
ووصفت الفتيات بالسذاجة «بعض هؤلاء الفتيات مراهقات وساذجات جدا، ولا يعرفن عن طبيعة النزاع أو حتى تعاليم الدين ويتم التلاعب بهن بطريقة سهلة، وبعضهن يأخذن معهن أبناءهن الصغار وبعضهن سافرن بفكرة المشاركة في العمل الخيري والإنساني».
وتلعب وسائل التواصل الإجتماعي دورا مهما في تجنيد الفتيات والإنضمام لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» حسب الكثير من الخبراء.
وظهرت بعض الجهاديات في صور وملصقات وهن يحملن «إي كي47» وقنابل يدوية وفي بعض الحالات رؤوس مقطوعة وأقسمن الولاء ل «داعش».
وفي المقابل يقمن بوضع صور للطعام والمطاعم والشمس المشرقة في سوريا لتقديم صورة إيجابية عن الوضع هناك ولدفع الفتيات في بريطانيا للسفر والإنضمام للجهاد.
وتقول ميا بلوم المحاضرة في جامعة ماساتشوسيتس الأمريكية ومؤلفة كتاب «قنبلة: المرأة والإرهاب» إن عمليات التجنيد تقدم صورة «مثل ديزني، فيما قدم لبعض الفتيات حوافز مالية، مثل توفير تكاليف السفر وتعويضات عن الحمل والإنجاب».
وتستخدم النساء اللاتي يعشن في ظل «داعش» إعلام التواصل الإجتماعي بمهارة لتصوير سوريا كـ «يوتوبيا» ولجذب النساء الأجنبيات للإنضمام «لأخواتهن في الخلافة»، وتضيف»فكرة العيش في ظل الخلافة إيجابية وقوية وتؤمن بها هذه النسوة بعمق «.
لكن الواقع مختلف كما تقول. وترى بلوم ورولف توفين، مدير المعهد الألماني لأبحاث الإرهاب وسياسات الأمن إلى أن البنات تعرضن للإغتصاب والإنتهاكات الجنسية وتم بيعهن كالرقيق.
ويقول توفين «داعش حركة إسلامية متشددة، وحركة وحشية، تقوم بنية السلطة فيها على الرجال الذين يتحكمون فيها».
وتشير التغريدات المتبادلة على «التويتر» والتي قدمت في محكمة الشهر الماضي بين المقاتلين البريطانيين في صفوف «داعش» وزوجاتهم في بريطانيا أنهم تزوجوا من نساء أخريات.
وفي مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» وتحدث فيه عميلا «سي أي إيه» السابقان أكي بيرتز وتارا مولر عن موقف «داعش» من المرأة، قائلين «يرتكب المقاتلون أفعالا جنسية مروعة على قاعدة واسعة».
وأضافا «في الشهر الماضي، مثلا، قالت الأمم المتحدة إن داعش أجبرت ما يقرب من 1.500 فتاة وطفل على الرق وعرضتهم للإنتهاك الجنسي. فيما نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا مثيرا أشارت فيه لقيام داعش باختطاف عائلات في شمال العراق للإنتهاك الجنسي». وأضاف تقرير المنظمة «حتى في الأيام الأولى بعد سقوط الموصل، تحدثت الناشطات في مجال حقوق الإنسان عن حوادث متعددة قام فيها مقاتلون من داعش بالطواف على البيوت بيتا بيتا لاختطاف واغتصاب النساء».
مشاهير الجهاديات
من فرنسا نورا الباثي (15 عاما)، حيث كانت فتاة فرنسية عادية ترغب بالتخصص في مجال الطب، نشرت صور لها قبل ذهابها إلى سوريا بالجينز والحذاء الرياضي، مبتسمة قرب برج إيفل في باريس.
تركت بيتها في مدينة أفيغنون- جنوبي فرنسا، كانت تحمل حقيببة المدرسة في صباح يوم من أيام كانون الثاني/يناير ولم يكن في تصرفها ما يوحي بالغرابة. ولكنها لم تعد للبيت عندما انتهت الفصول المدرسية، حيث ركبت القطار وسحبت 550 يورو من حساب توفيرها وغيرت هاتفها النقال.
وسافرت بالطائرة إلى اسطنبول ومنها طارت في رحلة داخلية إلى جنوب تركيا ومن ثم إلى الحدود مع سوريا. في أفيغنون، أخبر أهلها الشرطة عن اختفائها، وفتش شقيقها فؤاد عنها في كل مستشفيات المدينة وفتح حسابها على الفيسبوك ولكن بدون نتيجة، وفتش في خزانتها ولم يجد سوى الحجاب الذي بدأت ترتديه قبل فترة وجيزة من هربها.
وعندما سأل فؤاد زميلاتها في المدرسة عن سبب اختفائها ظهرت الحقيقة. واكتشفت عائلة الباثي أن نورا فتحت حسابا آخر على «فيسبوك» له علاقة بمجموعة تجند البنات لسوريا ووجدت العائلة على حسابها صورا لنساء وهن يحملن الكلاشينكوف وتحتها شعار «نعم، اقتل باسم الله».
ويقول فؤاد الذي عمل في الجيش الفرنسي أنه شعر بالصدمة «كان لديها حساب آخر على الفيسبوك وعبرت فيه عن رغبتها بالهجرة ولديها هاتف نقال آخر كي تتحدث مع الأخوات».
وتقول عائلتها إن نورا بدأت تتحدث عن ارتداء الحجاب ومساعدة السوريين خاصة الأطفال، وطلبت قبل اختفائها جواز سفرها من عائلتها بحجة فقدان هويتها الشخصية. ولم يكن أحد في عائلة الباثي يتخيل أنها تخطط للهرب «بالمطلق لم نكن نفهم ماذا يحدث؟». بعد ثلاثة أيام من اختفاء نورا، تلقت عائلتها مكالمة هاتفية، وتتبعت الشرطة الفرنسية أثر المكالمة إلى الحدود التركية السورية.
وأخبرت نورا العائلة بأنها في صحة جيدة وسعيدة ولا تريد العودة مرة ثانية إلى فرنسا. وأرسلت رسالة هاتفية لشقيقها فؤاد قائلة إنها وصلت إلى حلب وأنها تفضل الحياة هناك. وفيما بعد تلقت العائلة مكالمتين هاتفيتين من شخصين أحدهما يتحدث العربية وآخر يتكلم الفرنسية وطلبا موافقة والدي نورا على زواجها، وكان الجواب بالرفض.
وقرر فؤاد السفر إلى سوريا لإنقاذ اخته لكن السلطات التركية منعته من دخول الأراضي السورية. وأثناء وجوده هناك تلقى مكالمة من شقيقته واخبرته أنها تعلمت استخدام الرصاص ووعدته مع ذلك بعدم المشاركة في القتال.
وأخبره رجل آخر زعم أنه مسؤول عن الجهاديين الفرنسيين في سوريا إن اخته بأمان وقد جاءت برغبتها وهي حرة أن أرادت العودة إلى فرنسا. ونجح فؤاد بدخول سوريا أخيرا والتقى بشقيقته حيث اخبرته أنها ارتكبت أكبر خطأ في حياتها. وتقوم الآن عائلتها بملاحقة قضيتها قانونيا معتبرين أنها تعرضت للإختطاف. ففي الوقت الذي ذهبت فيه إلى سوريا بناء على رغبتها كانت قد تعرضت لعملية غسيل دماغ من المتطرفين.
زهرة وسلمى حلاني
شقيقتان توأم تنتميان لعائلة صومالية مهاجرة لجأت إلى بريطانيا، غادرتا بيتهما في تشورلتون – مدينة مانشستر في تموز/يوليو هذا العام بدون علم عائلتهما للإنضمام لشقيقيهما في سوريا. وكانت الشقيقتان قد نجحتا في امتحانات الثانوية العامة.
وخططت سلمى وزهرة للهرب بطريقة محكمة حيث غادرتا البيت في الليل، وأبلغت عائلتهما الشرطة عن اختفائهما.
وتقيمان الآن في سوريا حيث تزوجتا من مقاتلين. وانتشرت صور لزهرة على وسائل التواصل الإجتماعي وهي بالنقاب وتحمل البندقية وتقف أمام علم الدولة الإسلامية.
أٌقصى محمود
وهناك أيضا أقصى محمود، وتعرف أيضا بأم الليث التي تركت بيتها في غلاسكو- اسكتلندا في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي وتزوجت جهاديا، وتعتبر من الناشطات على وسائل التواصل الإجتماعي ولها «مدونة» تنصح من خلالها الفتيات حول كيفية السفر إلى سوريا والزواج من مقاتلين.
ووصفت أقصى صعوبة الحديث مع عائلتها وهي على الحدود التركية حيث أرادت إخبار والديها بنيتها للقتال والشهادة وأنها ستراهم مرة أخرى في الجنة.
وكتبت تقول «أول مكالمة تقوم بها بعد اجتيازك الحدود هي أصعب مكالمة في حياتك، فوالداك قلقان عليك بما فيه الكفاية، أين ذهبت وإن كنت في حالة جيدة وماذا حدث لك». وتقول إن «الآباء ممن لا معرفة دينية جيدة لديهم لا يستطيعون فهم السبب الذي يدفع ابنهم او ابنتهم لترك حياته الجيدة وتعليمه والمستقبل المشرق وراءه ويذهب لبلد مزقته الحرب». وتقول أقصى إنها قابلت فتيات كن يدرسن في الجامعة وحياة واعدة أمامهن، وعائلات كبيرة وأخوة وصديقات كل شيء دنيوي يقنع كل واحدة منهن البقاء … والله ليس هذا ما نريده». وفي 11 أيلول/سبتمبر ناشدت بشكل مباشر كل من يستطيع الإنضمام لداعش و»سارعوا، سارعوا لأرضنا، هذه حرب ضد الإسلام، ومن الواضح أنه «إما أنك معهم أو معنا»، واختر أي جانب تريد».
وناشدها والداها بداية هذا الشهر بالعودة لبيتها وحذرا قائلين إن كانت ابنتهم قد أصبحت جهادية من داخل غرفة نومها فهذا يمكن أن يحدث لأي فتاة.
شانون كونولي
كانت تخطط للعمل كممرضة في الدولة الإسلامية حيث ألقي القبض عليها في نيسان /إبريل في مطار دينفر- كولورادو.
وكانت شانون (19 عاما) تعمل مساعدة ممرضة واعتنقت الإسلام، وبحسب وثائق المحكمة فقد صعقت عائلتها لاكتشاف إن ابنتها متهمة بالجهاد والعنف. وبدأت قصتها عندما قام قس شك بتصرفاتها بإخبار مكتب التحقيقات الفدرالي ـ أف بي أي- حيث اخفى عملاء هويتهم وبدأوا بالإتصال بها، وخلال المحادثات عبرت أكثر من مرة عن رغبتها بالمشاركة في الجهاد خارج أمريكا.
وحاولوا تغيير رأيها. وبحسب وثيقة المحكمة المقدمة ضدها قالت إنها كانت تريد تدريب الجهاديين على أساليب الحرب الأمريكية.
وأخبرت شانون المحققين إنها كانت تخطط الزواج من مقاتل تعرفت عليه عبر الإنترنت. ويعتقد المحققون أن اسمه يسر المويلحي (35 عاما) تونسي الجنسية. وشجعها المويلحي على تلقي تدريبات إضافية لمساعدة المقاتلين عندما تصل إلى سوريا.
وسجلت في دورة عسكرية في تكساس لتعلم أساليب إطلاق النار.
وقام المويلحي بترتيب رحلة شانون للسفر عبر ألمانيا إلى تركيا. وحصل المحققون على قائمة بأسماء أشخاص كانت ستلتقيهم في الطريق إلى سوريا. وتواجه شانون حكما بالسجن لمدة خمسة أعوام وغرامة 250.000 دولار.
سمرا وسابينا
تحولت صورة سمرا كيسنوفيتش (16 عاما) وزميلتها سابينا سليموفيتش (15 عاما) اللتان تركتا مدرستهما وسافرتا إلى سوريا لفتاتي ملصق الجهاد ولصورة تعبر عن قلق النمسا حول خطر التشدد بين الشباب والشابات المسلمين. وكانت البنتان اللتان جاءت عائلتهما من البوسنة قد هربتا من بيتهما في فيينا في نيسان/إبريل للمشاركة في «الجهاد» وتركتا وراءهما ورقة مكتوب عليها «لا تبحثوا عنا، نحن في خدمة الله وسنموت من أجله».
ويعتقد أنهما تأثرتا بالفكر المتشدد في مسجد محلي. وأكدت مدرسة سمرا «إيبو تيجما» إنها عبرت عن اهتمام بالجهاد وكتبت «أحب القاعدة».
وذكرت تقارير صحافية نمساوية أن إحدى الفتاتين قتلت، لكن الشرطة لم تكن قادرة على تأكيد الخبر، ثم أرسلت سابينا عبر «الواتس أب» «لم نمت».
وتعتقد الشرطة أن الفتاتين تزوجتا من مقاتلين شيشانيين. وتعتبر قصة سمرا وسابينا ملهمة للفتيات الراغبات بالإنضمام للجهاد. وتقول الشرطة النمساوية إنها أوقفت في بداية أيلول/سبتمبر الحالي فتاتين كانتا تحاولان مغادرة البلاد للقتال.
سارا
في تشرين الأول/اكتوبر لم تعد سارة (15 عاما) لبيتها من مدرستها في بلدة كونستانز، جنوب ألمانيا، وبعد يومين قام والدها بالإبلاغ عن غيابها.
وبعد ذلك بفترة وضعت صورة لنفسها على عدد من مواقع التواصل الإجتماعي وهي تحمل رشاشا وتلبس النقاب وقفازات سوداء.
وقالت إنها تلقت تدريبات على استخدام السلاح. ووصفت برنامجها اليوم «نوم، أكل وتدريبات عسكرية ودروس واستماع للمحاضرات»، وكتبت قائلة «بالمناسبة، لقد انضممت للقاعدة».
واتصلت سارة التي تنتمي لأب جزائري وأم ألمانية بوالدها تطلب منه الموافقة على زواجها من شاب ألماني اسمه اسماعيل، رفض والدها، ولكنها تزوجت في كانون الثاني/يناير.
إبراهيم درويش / القدس العربي