كثيرةٌ هي الإغراءات التي تُقدّمها المؤسسات الإماراتية لدفع الشباب إلى الزواج، منها “المنحة المجزية” التي يُقدّمها صندوق الزواج إلى الثنائي، وتُقدر بـ 70 ألف درهم (نحو 19 ألف دولار).
لكنها لا تكفي، كما يقول عدد من الشباب، وخصوصاً لإرضاء أهل العروس. فبات العزوف عن الزواج خياراً يلجأ إليه بعضهم.
في السياق، يُشير صندوق الزواج إلى أن نسبة العنوسة بين الإماراتيات وصلت إلى نحو 70 في المائة. إلا أن رئيسة قسم التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع في دبي ناعمة الشامسي، تقول إن “هذه إحصاءات مبالغ فيها، وليست أكثر من تضخيم إعلامي لإثارة الرأي العام لأننا مجتمع معروف بتماسكه. يكفي النظر إلى الزيجات الجماعية التي تقيمها المؤسسات الاجتماعية المختلفة”.
وتؤكد في الوقت نفسه أن “التكاليف الباهظة التي تطلبها بعض الأسر من العريس تؤدي إلى عزوفه عن الزواج”. لكنها تعرب عن تفاؤلها بأسر أخرى تساعد العريس.
وحذّر صندوق الزواج من “التهاون في معالجة هذا الموضوع الحيوي، مما يدفع بالكثير من الإماراتيين إلى الزواج من أجنبيات، في الوقت الذي تفضل فيه غالبية الفتيات الإماراتيات الزواج من أبناء بلدهن، ولا يرغبن في الزواج من العرب الوافدين لأسباب كثيرة، منها عدم تشجيع القوانين على الأمر حفاظاً على الهوية”.
متطلبات الزواج كثيرة، منها المهر الذي يقدر بنحو مائتي ألف درهم (54 ألف دولار)، والذهب، ناهيك عن تكاليف العرس إضافة إلى البيت ومستلزماته. علماً أن صندوق الزواج يؤمن سبعين ألف درهم فقط.
وتقولُ مديرة صندوق الزواج بالإنابة حبيبة الحوسني إن “صندوق الزواج يعمل على خلق توازن أسري”. وتضيف: “نعمل على تشجيع الزواج من خلال المنحة التي يقدمها الصندوق بهدف وضع برامج من شأنها دعم الاستقرار الأسري الذي من دونه، لا يمكن لتنمية المجتمع أن تسير على ما يرام”.
تتابع الحوسني: “إضافة إلى المنحة المالية، يعمل الصندوق على تنظيم برامج وندوات ومحاضرات لإقناع الشباب المقبل على الزواج بعدم الإسراف والتبذير”.
في المقابل، تقول فتاة رفضت الكشف عن اسمها إننا “نمتلك كل شيء ولا شيء”. وتسأل: “من المسؤول عن تأخر سن الزواج”؟ فترد أخرى أن “والدة العروس غالباً ما تكون طلباتها كثيرة بل تعجيزية”.
وعادة ما تكون مساهمة أهل العروس في تكاليف الزواج شبه معدومة، بعكس بعض العائلات العربية، كالمغربية مثلا، إذ تدخر العائلة المال لمناسبة كهذه منذ سن الطفولة.
خطّابة
في وقت تبدو والدة العروس المسؤولة شبه الوحيدة عن تأخر سن الزواج، برأي الكثيرين، يلوم آخرون الشباب الذين باتوا يهتمون بالمظاهر التي تعدّ عقبة كبيرة أمام الزواج. فهؤلاء يصرون على إقامة حفلات زفافهم في أفخم الصالات، واستقدام أهم الفرق الموسيقية، وشراء أغلى أنواع الذهب. وهذا ما يطلق عليه الإماراتيون “الفشخرة” أي التباهي.
وقبل سنوات، لم تكن ظاهرة انتشار المواقع التي تهدف إلى التزويج على الإنترنت موجودة. لكنها باتت ضرورية اليوم، بحسب البعض، علماً أنها تجارية بغالبيتها. وقليلةٌ هي المواقع المرخصة، منها زواج إسلامي، وزواج الإماراتيات، وقابل أناس بالقرب منك، وخطّابات الإمارات، وخطّابات زواج آدم وحواء، وحبايب وغيرها.
في السياق، تقول أول خطابة رسمية في الإمارات فاطمة المنصوري، التي فتحت مكتباً للتزويج قبل سنوات: “نحن نعمل على جمع الفتاة بالشاب نظراً إلى صعوبة التواصل داخل مجتمعنا في الوقت الحاضر، بعدما تباعدت الأسر، وقلّت الزيارات بين العائلات، وكثر الوافدون، مما أضعف التلاحم الأسري”.
من جهتها، تقول الشامسي إنها “لا تُحبّذ اللجوء إلى الخطّابة”، مشيرة إلى أن “لغالبية الخطابات أهدافهن التجارية. وعادة ما تُفاجأ الأسر بتعمد الخطّابات تغيير الاتفاقات المبرمة أصلاً. ومن هنا يبدأ الخلاف”.
وترفض الشامسي استخدام مصطلح العنوسة. تقول لـ “العربي الجديد”: “ليس لدينا عنوسة لأن هذا المصطلح يشير إلى الفتاة التي لم يطرق أحد بابها للزواج. في الواقع، الشباب يطلبون الزواج من الفتيات، لكنهن يرفضن لأسباب متعددة، منها رغبة الكثيرات في متابعة الدراسات العليا، أو تفضيلهن الاستمرار في العمل، ويخشون أن يكون الزواج عائقاً أمام طموحاتهن”.
عن العربي الجديد