كانت اللغة اليابانية مستعملة بشكلين مختلفين حيث كانت هناك لغة مختصة بالأدب ولغة تستعمل في الشارع وكان من إحدى أهداف كتَّاب عصر ميجي هو إنتاج أدب يفهمه النَّاس العاديون ربما هو تقاربٌ لمفهوم الرواية الشعبيَّة.
لاقى الروائيون اليابانيون مدحاً مبكراً من قبل النقاد في القرن العشرين ومن هؤلاء الروائيين:
أوغاي موري، سوسيكي ناتسومي، سانيتسو موشاكوجي، كان كيكوشي، رايونوسوكي أكوتاغاوا:
يعتبر الأب الرسمي للقصة القصيرة في اليابان ويُعتَقَد أنه كتب ما يربو فوق المائة قصة قبل انتحاره المأساوي في سن الخامسة والثلاثين ولازالت هناك في اليابان جائزة أدبية تدعى جائزة رايونوسوكي أكوتاغاوا. وربما عمله الأكثر شهرة هو قصة (راشومون) التي دارت حول الاغتصاب وقتل النساء على أيدي العصابات الأرستقراطية عبر جريمة قتل يُنْظَر إليها من أربع إتجاهات واستكشافٍ لمعنى ومفهوم الحقيقة والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي من إخراج السينمائي الياباني الشهير آكيرا كيروساوا.
ناتسومي سوسيكي : ( 1916-1867 )
سنلقى من بين الورق النقدي لليابان صورة الكاتب ناتسومي على ورقة نقدية من فئة الألف ين، سوسيكي الذي يعتبر من أعظم كتاب اليابان، ولد قبل سنة من عهد الإمبراطور ميجي وبذل قصارى جهده في الكتابة حتى وهو على فراش الموت، وعلى الرغم من أن ثقافته كانت غربية ومتأثرة بالأدب الغربي إلا أنه يعزى إليه الفضل في إحياء الثقافة اليابانية ويعتبر سوسيكي من أوائل الكتاب الذين اشتغلوا على الحداثة وكتابة روايات مظلمة تدرس نفسيات البشر، كان يعرِّف نفسه بالعجوز البغيض، لا يجري محادثات مع أي شخص إلا إذا كان من ضمن دائرة الأصدقاء المقربين.
بدأ ناتسومي مسيرته مدرساً واختارته اليابان في سن الثلاثين للسفر إلى إنكلترا حيث أمضى سنتين في لندن ليعود لليابان ويحاضر في جامعة طوكيو، كان يعاني ناتسومي من انهيارات عصبية متكررة كانت تدفعه للتوقف عن الكتابة، كتب 37 مؤلفاً شاملاً مابين الرواية والنقد، أحاط نفسه بمجموعة من المثقفين الرهيبين جداً والأذكياء.
الكُتَّاب اليابانيّون مابعد الحرب :
إن الكتاب اليابانيين بعد الحرب العالمية ذكروا تحت مجموعة شكلية تدعى (بوندان) أكلوا في نفس المطاعم واعتبر عالمهم ممثلاً للأدب الصافي مقابل الأدب الشعبي ويشكل نواة الكتابة في تلك المرحلة : (كوبو آبي، جونيتشيرو تانيزاكي، يوكيو ميشيما، شوكورو ياماموتو، ياسوناري كاواباتا، كينزا بورو أوي) وشكلت رواية (المطر الأسود) للروائي إيبوسي ماسوشي روايةً مهمة في تلك المرحلة حول استعادة اليابان لشخصيتها واعتبارها في الحرب العالمية الثانية. فيمايلي تأريخ لأبرز روائيي اليابان في فترة مابعد الحرب.
أوسامو دازاي : (1965- 1886)
من أكثر الروائيين اليابانيين عدميةً وتشاؤماً، كاتبٌ لاقى إعجاباً من قبل النساء اليابانيات، كتب بشكل عاطفي وكان مدمناً على الكحول، انتحر في سن التاسعة والثلاثين بعد مسيرةٍ حافلة من الإضطرابات الشخصية والنزاعات مع الناس والأدباء، وُصفت كتابتهُ بالحسَّاسة والمشرقة حتى وهو غارق في التشاؤم والعتمة، من مؤلفاته: الشمس الغاربة، سقوط رجل.
رواية سقوط رجل تُعتبر سيرةً ذاتية لحياة دازاي بدأها بعبارة مثيرة للاهتمام (حياتي مخزية جداً) إنها رواية اعترافات بلسان راوي هو ليس إلا ضمير دازاي، تتحدث الرواية عن كيفية إختيار دازاي للعيش منعزلاً في سنٍّ صغيرة، يمكننا القول أنها رواية تبحث في الجنس والسياسة والكحول والمخدرات وأيضاً الانتحار ذلك المكوَّن الأساسي في الرواية اليابانيَّة، انتحر دازاي مع عشيقته في يوم عيد ميلاده 19 حزيران يونيو من العام 1948 حصل ذلك بأن أغرق نفسه مع عشيقته في قناة مياهٍ واقعة في طوكيو، احتفل اليابانيون في العام 2009 بالذكرى المائة لولادته باستعراضٍ عسكري عظيم وبيع ما يربو فوق المليون نسخة من أعماله في نفس السنة كما أن حياته شكَّلت موضوعاً لفيلم وثائقي فرنسي.
جونيتشيرو تانيزاكي : ( 1965-1886)
إنه كاتب ياباني عظيم تأثر بآلان بو وقد راهن الكثيرون على نيله لنوبل خلال فترة حياته، هرب من طوكيو بعد الزلزال العظيم في عام 1923 حيث انتقل إلى كانساي وإلى العديد من المناطق المختلفة ضمن اليابان، تزوج تانيزاكي ثلاث مرات، تزوج الأولى وهو في التاسعة والعشرين من عمره ثم بعدها تزوج من موظفة شابة كانت تعمل في مجلة أدبية إلا أن زوجته الثالثة كانت عائلتها مصدراً لإلهامه في عمله الشهير ( الأخوات ماكيوكا )
مؤلفات تانيزاكي :
كتب رواية الأخوات ماكيوكا هذا العمل الشبيه بسجل عائلي وقصًّ لحكايات شعبية، وله أيضاً (البعض يفضل أزهار الشوك) التي تدور حول زوجين يتصارعان مابين التقليد والحداثة
إن روايته الأخوات ماكيوكا أعتبر من قبل الكثير من النقاد كأفضل رواية يابانية حديثة وقال عنه الفيلسوف جان بول : إنه عمل يعطي معرفة شاملة عن البلاد اليابانية، تدور الرواية حول تاجر له أربع بنات حيث مؤامرة لإيجاد زوج مناسب لأحدى الأخوات، إن الرواية حكاية رومانسية وتصوير لانحطاط الطبقة الراقية، ومن بين أعماله أيضاً (التاريخ السري لأمير موساشي) و(المفتاح) الذي تعامل فيها مع المواضيع الجنسية مثل السحاقية والماسوشية إضافةً لمجموعة من القصص الغريبة.
يوكيو ميشيما ( 1970-1925 ):
أحد كتاب اليابان العظماء وأكثرهم جدلاً، رشَّح مرتين لنيل جائزة نوبل للآداب، انتحر بطريقة كرنفالية عندما حاول الإنقلاب عسكرياً، كتب أربعين رواية من أشهرها رباعيته بحر الخصب واعترافات قناع وأيضاً البحار الذي لفظه البحر وعطش الحب إضافةً لاشتغاله في المسرح وكتابة مئات المقالات والقصص القصيرة ومخطوطات لأفلام سينمائية، كان ابناً لمسؤول حكومي، وخلال مرحلة طفولته كان طفلاً غير طبيعياً خائفاً من أصدقائه ما دفعه إلى الإنزواء والعثور على مأوىً آمن متمثل في الكتابة.وتشكل روايته اعترافات قناع سيرةً ذاتية مليئة بأفكاره وخصوصية حياته.
أسلوب حياة ميشيما :
كان يكتب عادةً في منتصف الليل إلى السادسة صباحاً ثم ينام إلى الثانية بعد الظهر ثم يذهب لممارسة رياضة الكيندو اليابانية الشهيرة ويرتاد بعض حانات المثليين، كان يصرف وقتاً صغيراً مع عائلته الصغيرة ويبقى طوال شهر آب في بيت العائلة الكبير
كتب أحد مترجمي أعماله: أن ميشيما كان يشبه طريقته في الكتابة ثابتاً، دقيقاً، متزناً، لا يتأخر عن المواعيد، إن الحديث معه كان يعطيني سروراً عظيماً.
ياسوناري كاواباتا ( 1972 ـ 1899 )
– المعلم ياسوناري كاواباتا كما كان يُلَقَّب في اليابان، حاز على جائزة نوبل للأدب في العام 1968 وانتحر بشكل غامض في العام 1972 دون أن يترك خلفه أي ملاحظة حول سبب انتحاره، تتضمن أعماله بلاد الثلج والعاصمة القديمة وحزن وجمال و ضجيج الجبل، اسلوبه في الكتابة وصفي وغنائي، عانى من الأرق وأدمن على الحبوب المنوّمة وتمتع بخلوته إضافة لارتياده بعض الحانات في طوكيو، في روايته بلد الثلوج يحكي قصة صحفي مولع بفتاة غيشا وهي رحلة سفر يبرع كاواباتا في سردها بطريقته الدقيقة والمفرطة في الوصف، إضافةً إلى كتابته لنوع قصصي ياباني يدعى (الشوسيتسو) أي القصة القصيرة جداً (عربياً) وله كتاب يحوي كماً هائلاً من هذا النوع يدعى (قصص بحجم راحة اليد) والتي يقال عنها أنها كانت عبارة عن مسودَّات لأعماله الروائية التي تبلورت فيما بعد.
كينزا بورو أوي :
نال جائزة نوبل في العام 1994 واعتبر مثقفاً هائلاً رغم أنه لم يُقرأ في اليابان بشكل جيد، كتب روايات تدور حول البحث عن الذات في مرحلة مابعد الحرب، قال عنه هنري ميلر ذات مرة : أن الأمل في كتابات أوي مختبئ وفي كتابته ثمت لمسات من طريقة دوستويفسكي، على الرغم من إن كتاباته اندرجت تحت الوصف الغنائي والعاطفي إلا أن الوصول إلى فهم معين يكون صعباً بطريقة ما.
منح نوبل بحسب الاكاديمية السويدية لعالمه المتخيل حيث تكثيفٌ للحياة والأسطورة ليشكل بذلك صورة عن المأزق الإنساني اليوم. انتشر في اليابان خلال فترة الستينيات وكان قرائه من الطلاب الجامعيين اليساريين.
أعمال أوي :
كتاب أوي الأكثر شهرة هو هيروشيما وفيه تحليل ووصف للقصف الذري لهيروشيما وأيضا له مسألة شخصية وهو عمل متعلق بسيرة أوي الذاتية حول شعور أب نحو طفله المتضرر دماغياً، أيضا رواية الصرخة الصامتة. في العام 1993 قرر أوي الابتعاد عن الكتابة لولا انه غير رأيه بعد الهجوم على نفق في طوكيو، كتب في العام 2001 روايته آغوي وحش السماء التي يتحدث فيها عن ولدان ينتحران إضافة إلى 16 مقالة حول طفولته، أما روايته الأخيرة البستان متعلقة بسيرة نسيبه ومحاولته الانتحار، اعتمد فيها على مناجاة مسجلة للمنتحر قبل انتحاره، تقنية قصصية تعج بالممرات الفظيعة والمعتمة، إن ذكره لولده المعاق وزوجته الجادة في أعماله يعطي مؤلفاته نوعية رثائية
في خطاب نيله لنوبل قال: إن الحشمة كانت الشيء المهم في اليابان ولكنها أمة باتت تعاني تصدُّعاً وتصارعاً بين قطبين معاكسين وهذا التصارع وجد على العديد من المستويات ولكن المصدر الأساسي هو الانقسام بين اليابان الحديثة مركز النفوذ الاقتصادي والتقني وبين اليابان التقليدية
شوساكو إندو : ( 1996 ـ 1923 ) :
كاتب ياباني ذو شهرة في اليابان وخارجها، كاتب جدّي كتب عن الأخلاق والدين، كان إندو كاثوليكيا، وتضمنت رواياته عزلةً وتعصباً بسبب المشاعر التي أستأصلت منه كمسيحي في بلاد يندر فيها المسيحيون، كان رجلاً ضعيفاً وعانى من امراض مختلفة في كل مراحل حياته
ولد في طوكيو في عام 1923 وقضى أغلب شبابه في منطقة مانشوريا ثم عاد في عمر العاشرة مع أمه المطلقة وشقيقته إلى العاصمة، توفي إندو في عام 1996 ومن ضمن رغباته الأخيرة أن يُدْفَن في ناغازاكي مركز الكاثوليكية في اليابان ولكن أفراد عائلته أصرّوا على وضع رفاته في مقبرة العائلة في طوكيو
كتب إندو روايات شعبيَّة معتمدة على التاريخ بشكل أساسي، كروايته (البحر والسمّ) رواية تعتمد على سرد واقعي لأسير حرب أمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية وأيضاً رواية (الصمت) وهو كتاب يدور حول اضطهاد المسيحيين البرتغاليين في القرن السابع عشر، وأيضاً كتاب (حياة السيد المسيح) وهو عمل حاول من خلاله إيصال فكرة المسيح بطريقة سهلة لليابانيين وكتب أيضاً ( النهر العميق ) وهو كتاب يبحث عن الحقيقة الدينية في الهند.
جوان تتر / عن القدس العربي