غارات التحالف… هل تطيح بشار أم تعيد تأهيله؟

28

26qpt999اتسع نطاق الغارات التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة داخل الاراضي السورية ليشمل مصافي النفط بهدف تجفيف وسائل الدعم المالي لتنظيم داعش الارهابي، بينما تصاعدت وتيرة المشاركة العربية في الحملة الجوية لتبلغ ثمانين بالمئة قامت بها المقاتلات السعودية والاماراتية، حسب تصريحات الناطق باسم البنتاغون الادميرال جون كيربي، فيما تستعد فرنسا وبريطانيا للمشاركة في الهجمات.
لكن هذه التطورات لا تقلل من حجم الغموض الذي يكتنف النتائج التي ستسفر عنها هذه الحرب بالنسبة لمستقبل النظام السوري، وتحديدا ان كانت مقدمة لاضعافه ومن ثم سقوطه، ام ستعيد تأهيله، بعد القضاء على اهم اعدائه؟ وبكلمات اخرى هل ستضع الولايات المتحدة سوريا على بداية طريق الحرية والديمقراطية، ام ستكرر النتائج الكارثية لتدخلها في العراق، فتسلم البلاد الى اتون الفوضى وقبضة الهيمنة الايرانية؟
وهل توجد امكانية لتوسيع الغارات لتشمل اهدافا للنظام السوري؟ ام ان التحالف الهش اصلا لن يحتمل مثل هذا التحول، ليتفكك سريعا؟.
من الواضح اننا امام وضع معقد داخل التحالف تختلف فيه النوايا ما ظهر منها وما بطن، وتختلط احيانا بالامنيات، وعلى اي حال تبقى النتيجة على الارض مرتهنة بمعطيات قد تفرض نفسها في النهاية بعيدا عما خطط له المتحالفون او حتى الرافضون للتحالف. ويحسب لدولة قطر انها سبقت الآخرين في الاعلان عن شكوكها في نجاح مهمة التحالف مع بقاء نظام الاسد.
ووفقا لنص مقابلة الشيخ تميم مع شبكة «سي ان ان» فقد قال «إذا اعتقدنا أننا سنتخلص من الحركات الإرهابية ونترك هذه الأنظمة -ولا سيما هذا النظام- يقوم بما يقوم به فإن هذه الحركات الإرهابية ستعود من جديد.»
ولاشك في ان قطر ليست وحيدة داخل التحالف، سواء في قلقها من نتائج الغارات، او في رغبتها في ان تؤدي الى اسقاط النظام.
كما تحاول تركيا الضغط باتجاه تطويع الحملة الجوية لاضعاف النظام، عبر اقناع الولايات المتحدة بفرض منطقة حظر جوي لمساحة 30 كيلومترا على الحدود مقابل قيامها بدور عسكري على الارض، الا ان فرض هكذا منطقة سيحتاج الى قرار من مجلس الامن، وهو ما لن تتردد روسيا في استخدام الفيتو ضده.
ويخشى خبراء وقيادات عسكرية على الارض، ومنهم العقيد السوري، رياض الأسعد، أحد أبرز قادة الجيش السوري الحر، من ان استمرار الغارات «سيصب في صالح النظام، حيث أن القوات الحكومية ستستفيد منها لاستعادة ما فقدته من الأراضي».
وحيث ان الولايات المتحدة لم تعلن ابدا استهدافها اسقاط النظام، فانها تستطيع ان تتوقف بمجرد تكبيدها تنظيم «داعش» خسائر كبيرة، وتعلن تحقيق اهدافها المتمثلة في اضعافه تمهيدا للقضاء عليه.
الواقع ان الغارات الجوية وحدها فشلت في اسقاط انظمة اخرى، بينها نظام صدام حسين، الذي لم يطحه الا الغزو الامريكي البريطاني في العام 2003. وهو ما يبدو غير ممكن بالنسبة للحالة السورية، لاسباب عديدة، تتعلق بعدم وجود غطاء شرعي من الامم المتحدة، ناهيك عن ان واشنطن نفسها لا تفكر اصلا في هكذا خيار كانت تكلفته باهظة، بل ومازالت حتى اليوم.
ومن جهته قد لا يتردد النظام السوري في تقديم كافة اوراق الاعتماد المطلوبة امريكيا من اجل البقاء، ومنها ان يصبح اقرب الى طبيعة النظام العراقي الذي يسمح بنفوذ ايراني واسع من غير تعارض مع وجوده في الحلف الامريكي، او الدور الذي يسمى في عالم المخابرات بـ (العميل المزدوج). وبالفعل فقد تغاضى النظام عن اسقاط اسرائيل طائرة حربية سورية قبل ايام، رغم انه تعهد اثر اعتداءات سابقة بانه «سيرد المرة المقبلة»، في دليل جديد على انه اسقط نهائيا اي نية لديه للدخول في مواجهة معها. اي انه تخلى عمليا عما يعرف بـ «معسكر الممانعة».
وازاء هكذا تعقيد، ينبغي على الدول العربية المشاركة في التحالف ان تتجاوز خلافاتها، وان تعمل معا على تنمية رؤية سياسية واضحة لتكون موازية للعمل العسكري، حتى لا تتحول محاربة الارهاب الى مجرد «حرث في البحر»، او ان تؤدي الى نتيجة عكسية، تمنح الانتصار النهائي وغير المشروط، لنظام دموي يستحق المحاكمة على جرائمه ضد الانسانية.

عن القدس العربي

التعليقات مغلقة.