حزب الله يخرج من سوريا!

24

214

يتناول أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله في خطابه الأخير، نقاطاً محددة. التفاوض بشأن العسكريين المخطوفين، الحرب على الإرهاب مع بدء التحالف الدولي بعملياته في سوريا. لا يذكر الحرب في سوريا ولا دوره فيها وما يفعله منذ 3 سنوات.

لأوّل مرّة منذ إطلالته الأولى بعد بدء الثورة السورية، وتحديداً بعد الإطلالة التي قال فيها جملته الشهيرة: “ما في شي بحمص”، لم يتحدث نصر الله عن أي شيء له علاقة بحزبه الذي يتوزع بين المحافظات السورية مقاتلاً الشعب السوري بداية، ثُم مواجهاً المجموعات الآتية من أجل الجهاد على أرض، حُوّلت ساحة من أجل تصفية حسابات الجميع، من حساب واحد، حساب سوريّ صرف.

يأتي هذا التغافل عن التذكير بما يقوم به الحزب في سوريا، في توقيت يكثر فيه الحديث عن خروجه من سوريا، وهناك من يؤكد سحبه بعض كادراته من مناطق المواجهات، والإبقاء على مجموعات صغيرة، للإشراف فقط، وبالتالي يُمكن القول إن لا حاجة بعد اليوم للحزب كي يشحذ همم جمهوره الذي يأتي بنعوش جديدة كل يوم، كضريبة لمُقدس أقنعهم بأنه يُقاتل من أجله، وعليهم جميعاً مشاركته عبء الدماء.

لكن الحديث عن انسحاب الحزب من سوريا، إلى الآن يبدو غير مُثبت، أو أقلّه خارج سياق الأحداث، إلا إن كان القرار الإيراني بتسليم ورقة دمشق بعد شبه تسليم ورقة العراق مقابل امتداد من نوع آخر، قد يكون اليمن، وتثبيت ورقة أساسية في صراعها مع الغرب في ملفها النووي، هي الورقة اللبنانية التي إلى الآن، أثبت حاملها وحاميها، أي حزب الله، أنه الأقدر على اللعب، ليس لمحورية لبنان فقط، بل لقوّة الحزب، اللاعب الذي امتد إلى غير ساحة، وتتكئ عليه طهران في غير مكان مواجهة.

بالتالي، يحتمل تغاضي نصرالله المفاجئ والجديد عمّا يقوم به أو كان يقوم به، الحديث عن بدء خروجه من سوريا. كيف لا، وهو منذ أكثر من سنتين لا يتحدّث إلّا بأهمية ما يقوم به في سوريا، أمّا القول إن وجوده صار أمراً واقعاً، فهو قد يكون منطقياً، لكن في عقل الحزب لا يُمكن أن لا يُذكّر ناسه بأهمية الوقوف إلى جانبه، وبالتالي، لا يمرّ الخطاب من دون جملة من قبيل: لبيك يا زينب. أو ما يحث على جهوزية الشهادة ـ العادة. وهذا ما لم يحصل في خطابه الأخير.

السؤال عن سبب خروجه اليوم يُرد إلى أجندة إيران حالياً؟ هذا إن كان يخرج. يقول نصرالله إنه يرفض الضربة الأميركية لتنظيم داعش، وأي ضربة ضد أي كان في سوريا. هو يؤمن بأن أميركا هي أمّ الإرهاب في العالم، لكن حجته الأساس أنه لا يحق لأي دولة أن تعتدي على سيادة دولة أخرى. على ما يبدو أنه مؤخراً صار هذا هاجسه، بعد أن كان في سوريا على مدى 3 سنوات، مُتدخلاً، مُقاتلاً، مُنكلاً. إلّا أنه يرفض الإعتداء على سيادة الدول! وهو ما لا يتعارض مع ما كان يقوم به طوال المدة الماضية.

فرضيات تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، من هم على تماس مع الحزب يقولون إنه لم يعد كما كان قبل 3 أشهر. وجوده الأكبر في مقام السيّدة زينب. فهل “عاد”، وبقي من أجل فقط حماية الأماكن المُقدسة؟ الأهم، هل قرأ الحزب تسوية ما على حساب الممانعة، فترك لرأسها السوري الخسارة وحيداً؟

اجتماعات إيران والغرب لاستكمال البحث في الملف النووي، قد تحمل إجابة ما، وقد تُمدد واقع الحال، وتبقى الأسئلة برسم تمنيات عودة إلى لبنان، تبدو وإن حصلت، خاضعة لحسابات خارج الحدود، وصرفها قد لا يكون تهدئة أو استقراراً أو ردّ ما استورده من غطس في الوحول السورية.

عن المدن/ أيمن شروف

التعليقات مغلقة.