منتدى آسو..التصور العام

44

في السعي لتشكيل فعل نخبوي يساهم في بناء منصة تفاعل بين الآراء والأفكار المختلفة حول المستجدات الراهنة في الوضع السوري بصورة عامة والوضع الكردي بصورة خاصة، للمساهمة أولاً في تخفيف حدة الاستقطاب الحاصل في البيت الداخلي الكردي الذي بلغ درجة العداء والرغبة الجادة في المساهمة في حلحلة العقد بالارتكاز إلى مساندة ودعم أصحاب الرؤوس الباردة والضمائر الحية والأيادي البيضاء في الأحزاب والتيارات والكتل، والاحتكام إلى أصحاب الخبرات والتجارب، والعودة إلى نقاط التوافق الكردي بتسليط الضوء على محطاتها وظروفها والحاجة الملحة إلى المساهمة الفاعلة لعودة تلك المناخات.

في توصيف الحاجة الكردية إلى منصة وازنة بعيدة عن الاصطفاف والتموضع الحاد بين خصمي الصراع السياسي العلني بصورة سياسية عامة والمخفي بصورة أقل والتي تطال في بعض الأحيان وتبلغ توصيفات الخيانة في علاقات المجلس الوطني الكردي مع الدولة التركية وعلاقات حركة المجتمع الديمقراطي مع نظام الأسد، رغم أن عقلانية البحث في تناقضات العلاقات في المنظومة الإقليمية قد يفتح المجال أمام خرق محظورات سابقة في الفعل السياسي من حيث الديناميات وتعاطي القوى وتفاعلها مع الأحداث في سياق زمني محدد بصورة عامة والجانب الأخلاقي منه بصورة خاصة، وهي إحالة بصورة أدق من خانة التهم إلى تفصيلات المجادلة العقلية في مفاضلة الخيارات وموازنة المكاسب والخسائر في أجندة قومية كردية بحتة وخاصة لا تحتمل صراع علي ومعاوية ولا مشاكل الهوية السورية والانتماء الوطني وماشاب هذه الهوية وهذا الانتماء من التباسات وبشكل أوضح الهوية التي  لم تكتمل بعيد الاستقلال، تنازعها بصورة خاصة الشيوعيون والإسلاميون والقوميون والبعثيون.

في الحاجة الكردية إلى منصة عقلانية لا تحمل الحقد والضغينة ولا الولاء والتبعية لمحور كردستاني مع الاعتراف بحق هذا المحور أو ذاك  أن يجترح حلوله الخاصة في جغرافيته وساحة عمله مع الاستثمار الأكمل لدور وثقل ووزن وأخطاء خصمه المتمثل في حكومته المركزية في الوضع الإقليمي، إلى جانب هذا الحق وإسقاطاتها على وضعنا الكردي في سوريا فإننا مع الرفض المطلق لأية وصاية أو تبعية أو توظيف لطرف كردي سوري في تثقيل وزن هذا المحور في الصراعات الكردستانية البينية أو توظيف هذا الانتصار أو ذاك المكسب في  تشكيل أوهام تدفع لوحتنا الداخلية إلى التصادم، إلى جانب الاحتكام إلى التاريخ في لحظات مفصلية لإحقاق رموزنا القومية ما كان لها وما كان عليها.

مع الاعتراف الواضح والصريح لدور القوة العسكرية في حماية المنطقة الكردية وبعض المناطق السورية وتشكيل مكسب كردي على الأرض وريادة هذه القوة محاربة الإرهاب العالمي على الأرض السورية فإننا متخوفون من جانب الاستبداد المرافق لبعض ممارسات السلطة السياسية الممثلة لها وأخطاء هذه الإدارة المنبثقة عن هذه السلطة في الجوانب الأمنية والتعليمية والخدمية التي تستدعي وقفات مطولة على ضوء المخاوف التي تراود النخب من سياسيات حرق المراحل التي تتبعها هذه الإدارة وبشكل خاص في الجانب التعليمي.

أما ثانياً: فيسعى المنتدى إلى استكمال المساعي في الشق المختص بالجانب العربي الذي شكل احتلال عفرين من قبل تركيا وإطلاق يد الفصائل المتطرفة فيها انعطافة خطيرة في العلاقات العربية-الكردية، يسعى المنتدى إلى المساهمة في تسليط الضوء على آراء وأفكار نخب معارضة عربية صاحبة مواقف مشرفة من القضية الكردية حيث يمكن التأسيس عليها في إعادة الاعتبار لقضية العيش المشترك بين شعبين في جغرافية واحدة. 

في الفراغ أو الفجوة الذي سيحاول المنتدى ملئه، مساحات الحوار العربي الكردي ابتداءً من الشخصيات المعارضة السورية التي دفعت سنيناً من عمرها في سجون النظام دفاعاً عن حق تقرير المصير للشعب الكردي، مروراً  بشخصيات مهتمة بالشأن العام تمتلك رؤى جديرة بالاهتمام خارج تصنيفنا مع/ضد القضية الكردية، وانتهاءً ببعض الشخصيات التي تحمل رؤى إشكالية حول القضية الكردية، وفي هذا نسعى دفاعاً عن فكرة العيش المشترك ولإعادة الاعتبار إلى العلاقات الكردية-العربية على قاعدة ندية أن نفتح حواراً لنمتلك مساحة تفاعل مشترك نقلل على الأقل من حدة الخصومة والخلاف العربي-الكردي.  

في مسؤولية الكيانات السياسية من أحزاب وتيارات وأطر ومسؤولية الأفراد من شخصيات اعتبارية متموضعة في أحزابها أو مستقلة برأيها ونشاطها، الكل مسؤول فيما آلت إليه الأوضاع بدرجات متفاوتة وتتحمل سلطة الأمر الواقع/ دون أن نعني بهذا التعبير سلبية مطلقة/ المسؤولية الأولى سلباً أو إيجاباً، حتى الضحايا في قلة حيلتها وخبرتها مسؤولة في نهاية الأمر عما آلت إليه الأمور، لا الشفاعة الأخلاقية ولا خذلان المجتمع الدولي يبرر مسؤولية الكيانات والأفراد.

لا الرغبات الشخصية ولا النوازع الفردية قادرة على الإحاطة بلب المشكلة والوصول إلى تفكيك عقد الأزمة التي تستوطن في أساسها في بنى المجتمع الغير قادرة على اجتراح الحلول لأزماتها البنيوية المتمثلة في نمط العلاقات والتقاليد الاجتماعية أولاً قبل الانتقال إلى عناصرها الخارجية العليا والدنيا من سلطة ومؤسساتها والمصالح الإقليمية والدولية وتشابكهما والمساهمة البالغة في تعقيد المشكلة ودفعها باتجاه الاستعصاء البليغ.

على النقيض من أوهام الريادة والطليعية يجب أن نكون مقتنعين منذ البداية بأننا نسعى لإضافة متواضعة لمجتمع منهك وممزق تنتاب نخبه هذه الأوهام في لحظات محددة وتتقاذفه امتيازات ومكاسب قد يصل حد شراء الأصوات والذمم، ونحن إذ نقيم ونبدي رأينا بالمواضيع الراهنة فإننا نساهم بوجهة نظرنا وتحليلنا في تقييم الأخطاء وتقديم الخيارات وتسليط الضوء على الإمكانات دون أن نبخس قدر وجهد العاملين وتضحيات البعض منهم في سبيل الصالح العام.

 

منتدى آسو

التعليقات مغلقة.