روسيا مسؤولة عن ردع تركيا

35

آلدار خليل

 

في ضوء ما يحدث في سوريا وانتقال الأمور مقارنةً مع المرحلة الأولى من الحراك الشعبي إلى مرحلة باتت فيها القضية السورية قضية تهمّ وتشغل العالم، ما زالت هناك قوى وأطراف لها دور بالغ الأهمية حال ما تم تفعيله ووضعه في خدمة الاستقرار والحل. وجود دول كبيرة سواء روسيا أم أميركا وفرنسا وبريطانيا في سوريا ومتابعتها لأدق التفاصيل لم يعد موضوع سبب ونتيجة، لم يستقدم أحد هذه الأطراف إنما وُجدت ولا تزال لضرورات استراتيجية هم يدركونها أكثر.

دولة روسيا الاتحادية حليف قديم لدمشق، وجودها، وفي حال إذا ما تناولنا الموضوع دولياً، هو وجود بناءً على طلب دولة ما زالت عضواً في الأمم المتحدة (سوريا)، في هذا الإطار مسؤولية روسيا هي الحفاظ على سوريا بشكل يضمن السيادة. ونحن هنا نتناول الموضوع بين روسيا وسوريا كدولتين لا كشكل للنظام؛ كذلك يحق لروسيا اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة على المستوى الدولي حال المساس من قِبل أي طرف بالسيادة السورية.

مع وجود تركيا في مساحة ما يقارب الـ10% من الجغرافيا السورية وفرضها ممارسات الاحتلال العلني إضافةً إلى خرقها القانون الدولي ذاته الذي منح روسيا حق الوجود في سوريا، فإن روسيا لا تقوم بواجبها المهم حيال هذه الأعمال غير الشرعية، كذلك تهديد دولة لشعب دولة أخرى دون وجود أي مسوّغ قانوني خطر كبير ينمّ عن غياب القانون والمواثيق المعمول بها حال وجود هكذا أفعال من قبل أي دولة، طبعاً نحن نتحدث عن تركيا هنا.

إردوغان اليوم في مرحلة فيها تهديد حقيقي لكن ليس التهديد الذي هو يتحدث عنه (القادم من شمال وشرق سوريا) وإنما تهديد من الداخل التركي الذي تأزم نتيجة لسياساته، وكذلك وجود خطر بات يلوح في الأفق فيما يتعلق بتحالفه مع الحركة القومية التركية، طبعاً هذا في حال تبنت دول وفي مقدمتها روسيا خيار ردع قانوني لإردوغان ومن ثم تحجيم دوره في سوريا إلى التقليص وغير المؤثر تباعاً مع تطور الأمور.

أما الجانب الآخر الذي يحمل الخطر الأكبر فهو الصمت الروسي حيال ما يريده إردوغان في سوريا وعلى وجه الخصوص تهديداته اليوم بشن عملية عسكرية على أراضٍ سورية من دون وجود سبب قانوني، ومحاولته تطوير نموذج احتلاله في سوريا بحيث يشمل مناطق أوسع وبالتالي يضمن من خلال ذلك تحكم تام في مسار الأمور في سوريا. ومن غير الغريب أن يهدد إردوغان العالم أجمع بما فيه روسيا بهذه المناطق التي يريد السيطرة عليها، كونه يترجم تاريخ الدولة التركية الذي يغيب فيه بشكل تام أي شيء له علاقة بالصداقة ويغلب في التاريخ ذاته الإبادات والقتل والدمار وبث الفتن والتفرقة بين الشعوب.

مثلما العالم أجمع أمام مسؤوليات تاريخية حيال ما يهدد به إردوغان، دولة روسيا الاتحادية في تحدٍّ ومسؤولية كبيرة أمام قرار شكل ونموذج سوريا القادم بحدودها وسيادتها. الصمت الروسي أمام إردوغان ينذر بخطر وعواقب في أدناها الضوء الأخضر لتدمير سوريا وشعبها عبر إطلاق يد إردوغان فيها. وهنا لا معنى ولا قيمة لجهود الحل ولا ما تم إنجازه في إطار مكافحة الإرهاب. روسيا ذات دور مهم ولديها خيارات منع أي مساس بسوريا وشعبها سواء بدرء الخطر التركي أو بمنع ممارسات فصائل تدعمها تركيا في مناطق احتلال إردوغان في سوريا.

عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (Tev_Dem)

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.