أسوأ حريق بتاريخ أميركا.. قتل 600 وغيّر مفاهيم السلامة

157

 

على مر تاريخها، عاشت مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية على وقع العديد من الحرائق المدمرة. فإضافة لحريقي 1871 و1874، كانت هذه المدينة، المصنّفة كثالث أكبر مدن الولايات المتحدة الأميركية، على موعد مع حريق آخر أسفر عن سقوط مئات القتلى خلال العام 1903 ليصنّف بذلك ضمن قائمة أسوأ الحرائق في تاريخ الأميركيين.

صورة للممثل إيدي فوي

 

وإضافة لهذا الجانب الدموي، لعب حريق شيكاغو عام 1903 دورا هاما في تغيير إجراءات السلامة بالعالم ليساهم بذلك في إنقاذ عدد كبير من الأرواح طيلة السنوات التالية.

سنة 1903، انتظر أهالي شيكاغو بفارغ الصبر افتتاح مسرح الإيروكواس (Iroquois Theatre) الذي صممه المهندس المعماري بنجمان مارشل (Benjamin Marshall) على النمط المعماري لعصر النهضة الأوروبية.

وخلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس السنة، حلّ المسؤول البلدي بشيكاغو جورج وليامز رفقة عدد من مسؤولي السلامة لتقييم مدى تطابق المسرح مع إجراءات الوقاية من الحرائق قبل إعطاء إشارة افتتاحه.

 

صورة للخراب داخل مسرح الإيروكواس
صورة لجانب من ضحايا الحريق

وعلى حسب تقارير تلك الفترة، احتوى مسرح الإيروكواس على 30 مخرجا كان 27 منهم ببابين وهو ما سهّل عملية إخلاء المكان في حال وقوع الكارثة.

في الأثناء، نبّه وليام كليندينين (William Clendenin) العامل بمجلة Fireproof magazine إلى بعض النقائص بالمسرح، حيث افتقر الأخير لجهاز إنذار ونظام رش مياه فعّال، كما شيدت نسبة كبيرة منه من الخشب وهو ما قد يسرّع بالتهابه في حال اندلاع حريق.

وعلى الرغم من كل ذلك، أعلن المسؤولون بشيكاغو مسرح الإيروكواس مطابقا لشروط السلامة والوقاية من الحرائق ليسمح بافتتاحه وانطلاق العروض.

مساء يوم 30 كانون الأول/ديسمبر 1903، امتلأ المسرح بأكثر من 2000 من الحاضرين الذين جاؤوا لمتابعة عرض الممثل الكوميدي إيدي فوي (Eddie Foy) ضمن مسرحية السيد ذي اللحية الزرقاء.

خلال ذلك اليوم، تجاوز مسرح الإيروكواس طاقة استيعابه، وكانت 27 بابا من أبوابه موصدة، وظلت 3 فقط قيد الاستخدام.

فضلا عن ذلك، تواجد مدير المسرح بيل كارلتون (Bill Carlton) ضمن الجمهور لمتابعة العرض، بينما غادر مساعدوه المسرح لتناول الطعام.

وعلى حين غفلة، تسببت شرارة انطلقت من أحد فوانيس الإنارة في اندلاع النيران على مقربة من ركح المسرح لتنتشر بذلك ألسنة اللهب بشكل سريع بالمكان مسببة حالة من الهلع بين الحاضرين حيث تدافع ما يزيد عن 2000 شخص عند الأبواب الثلاثة المفتوحة، بينما لاذ الصبيان المسؤولون عن أبواب النجاة بالفرار دون فتحها، الأمر الذي أبطأ عملية إخلاء المكان.

أسفرت هذه الحادثة عن وفاة أكثر من 600 شخص داخل المسرح بعد أن حاصرتهم النيران، وأصيب ما يزيد عن 250 آخرين بحروق متفاوتة الخطورة، وخلال اليوم التالي كدّس رجال الحماية المدنية جثث الضحايا بالشارع والمحلات القريبة.

صورة خارجية لواجهة مسرح الإيروكواس
صورة لعدد من المختصين خلال تحقيقهم حول الحريق

خلال الفترة التالية، مثل مدير المسرح وعمدة شيكاغو برفقة عدد من المسؤولين الآخرين أمام القضاء بعد أن وجهت إليهم تهمة إهمال شروط السلامة وعقب عدد من الجلسات تمت تبرئة الجميع، ولم يدخل السجن سوى رجل استغل الحادثة ليسرق بعض محتويات جيوب الموتى.

ملصق دعائي لأحد عروض إيدي فوي

في مقابل ذلك، لعبت حادثة حريق مسرح الإيروكواس بشيكاغو والتي أودت بحياة أكثر من 600 شخص دورا هاما في تدعيم إجراءات السلامة والوقاية من الحرائق بالمسارح والفضاءات الكبيرة وجعلها على شكلها الحالي، حيث زودت أبواب الخروج بأعمدة دفع حديدية لتسهيل فتحها من قبل الجماهير عند المغادرة، ووضعت فوقها إشارات مضيئة تحمل علامة “خروج” (EXIT) ، كما زودت المسارح بستائر غير قابلة للاحتراق فصلت بين الجماهير والركح وفرضت قوانين صارمة منعت تخطي طاقة استيعاب المسارح.

المصدر: العربية نت

التعليقات مغلقة.