لا تنازل على الحقوق الكردية المشروعة وإحقاقها في الدستور السوري

66

خورشيد حسين مصطفى

حقيقة بعد نشر خبر مفاده أن مجلس سوريا الديمقراطية عرض التفاوض على النظام السوري، كان لا بدّ لنا الوقوف على هذه المسألة والبحث فيها، فحينها كثر القيل والقال وذهبت بعض الأطراف الكردية المتحاملة على بعض من مكونات مجلس سوريا الديمقراطية وخصوصا الكرد منهم “PYD-Hevbendî” لنشر الشائعات عبر جميع وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ومنها على سبيل المثال (بدء مسلسل التنازلات عن حقوق الشعب الكردي  – بدء مرحلة إعادة الامانة لأصحابها – بداية مرحلة نهاية حكومة الأمر الواقع في المناطق الكردية).

 حقيقة من هنا وفي ظل هذا التحامل يتبين لنا حجم الأزمة التي تعيشها الحركة السياسية الكردية في سوريا، فلو إننا فكرنا في الموضوع قليلا يتبين لنا بأن النظام السوري هو من بادر إلى عرض هذه المبادرة وذلك من خلال إرسال وفدٍ لعرض الأمر على جميع الأطراف السياسية في مدينة القامشلي السورية الخارجة عن سيطرة النظام السوري بشكل “شبه كامل”، حيث ضمّ الوفد هذا عدداً من قياديي الجبهة الديمقراطية السورية “معارضة الداخل” محمود مرعي الأمين العام للجبهة، وعبدالعزيز داود نائب الأمين العام للجبهة، ميس كريدي الناطقة الإعلامية للجبهة، إضافة إلى القياديين فواز تقي الدين وهاني خوري.

وإشارة لما ورد من أنباء في تلك الآونة حسب العديد من الصحف والقنوات الفضائية، تم اللقاء بمعظم الأطراف السياسية في المنطقة الكردية منها والعربية وتم التباحث في مسألة بدء المفاوضات مع النظام السوري، وأيضا حسب العديد من وسائل الإعلام، أبدت جميع الاطراف السياسية التي تم اللقاء بها موافقة ضمنية وبدون شروط مسبقة على التفاوض مع النظام.

ولكي يكتمل المشهد لا بدّ من الاشارة إلى الحديث عن زيارة وفد من حكومة إقليم كردستان برئاسة السيد محمود كركري مسؤول مكتب العلاقات للحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق إلى دمشق بالتزامن مع وجود وفد مجلس سوريا الديمقراطية هناك.

وهنا أيضا بدأ مسلسل كيل الاتهامات وتحديدا من بعض الأطراف الكردية التي هي على خلاف مع الـ “PYD-Hevbendî” والحزب الديمقراطي التقدمي واتُهِمَت هذه الأطراف بالتنازل الصريح عن حقوق الشعب الكردي المشروعة في سوريا بالرغم من أن معظم الأطراف المتهمة أصدرت العديد من التصريحات التي كانت مفادها عدم التنازل عن أي حق من حقوق الشعب الكردي المشروعة ولن يبدؤوا هذه المفاوضات دون ضامن دولي.

حقيقة ربما أكون قد أطلت عليكم في سرد ما جرى ولكن غايتي في شرح ما جرى هو تحديدا الاشارة إلى أمور في غاية الاهمية وهي:

1- الدعوة كانت من النظام السوري وهذا الأمر يعكس حجم وماهية القوة العسكرية والسياسية لمجلس سوريا الديمقراطية وحلفائها، فالنظام السوري هنا يريد أن يبرهن للمجتمع الدولي بوجود معارضات أخرى غير معارضة الخارج ولا يمكن تجاوزها.

2- على كل الأطراف السياسية المعارضة للنظام وخصوصا “الكردية” منها أن تدرك حجم القوة السياسية والعسكرية لمجلس سوريا الدمقراطية وحلفائها ومدى تحكمها بكثير من الامور على الارض ولا يمكن تجاوزهم في أي حال من الأحوال.

3- تأكيد كل الأطراف الكردية الموجودة ضمن مجلس سوريا الديمقراطية على أنه لا تنازل على الحقوق الكردية المشروعة وإحقاقها في الدستور السوري بغضّ النظر عن شكل نظام الحكم في سوريا المستقبل، ولكن ضمن إطار الممكن ومراعاة الظروف الاقليمية  الدولية.

وهنا وحين ربط الأحداث التي تجري في المنطقة ببعضها يتضح لنا بأن المجتمع الدولي يضغط على جميع أطراف المتصارعة في سوريا للوصول إلى حل في أقرب وقت ممكن، وما يحدث الآن من ضغط على تركيا وإيران والأزمة التي تعيشها كل من إيران وتركيا لا يستطيع أي منها فصلها عن ما يجري في سوريا وبرأيي كل ما يقول بأن الأزمة هذه هي نتيجة الخلافات بين أمريكا وهاتين الدولتين فهو مخطئ لأن الأمر ما هو إلا ضغط منّ كل المجتمع الدولي لتنصاع هذين الدولتين لإرادة المجتمع الدولي.

أما بالنسبة لمشروع المجلس الوطني  وإن كان سيلقى آذاناً صاغية من النظام والمعارضة، فبرأيي المجلس الكردي لا يملك أسباب وأوراق كافية للضغط على كلٍ من المعارضة والنظام، وكل ما يدّعيه بشأن مشروعه القومي ما هي إلا “بروباغندا” يمارسها لكسب تعاطف الشارع وأكبر عدد ممكن من الجماهير، وعن دورهم في كل ما ذكرناه في سياق حديثنا هذا فهم جزء من الائتلاف القوموإسلاموي والتعامل معهم يكون من خلال هذا الائتلاف الذي وكَّل الدولة التركية للتفاوض والحوار عنه في عدد من المحافل الدولية، إذاً وإلى الآن لم ينظر كلٌ من النظام والمعارضة إلى المجلس الوطني الكردي كإطار سياسي ذو خصوصية كردية أو ممثل عن الشعب الكردي، ومن جهة أخرى مشروع المجلس الكردي المتمثل في الفدرالية القومية كما يزعم جميع قياداته برأيي لن يكون  في ظل عقلية شركائنا (النظام والمعارضة) العنصرية، إلا اللهم إذا بادر المجلس الكردي باستغلال ما يجري في عفرين من انتهاكات بعد أن تم احتلالها على يد تلك الكتائب التابعة للائتلاف والمدعومة تركياً، فما يجري الآن في عفرين تعدّى مسألة الانتهاكات والتعدي على حقوق أهلنا في عفرين فقط، فالأمر أكبر من ذلك بكثير وباتت المسألة تستهدف الوجود الكردي عبر التغيير الديمغرافي الممنهج وبدعم من الحكومة التركية التي لا تخفي عدائها للشعب الكردي واستهداف وجوده.

نشر هذا المقال في العدد /83/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/8/2018

التعليقات مغلقة.