قلم أخضر.. (من هيئة الحكم الانتقالي إلى اللجنة الدستورية)

45

 

حسين قاسم

الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا والإحتجاجات الشعبية في إيران ومونديال كأس العالم في روسيا عناوين ثلاثة رئيسة للدول الضامنة للتسويات السياسية في سوريا, هي ليست مجرد عناوين عريضة هي أولويات تسبق معاناتنا نحن السوريين الذين اختبرنا إنتصارات الروس والأتراك والإيرانيين في المعارك على أرضنا السورية, وما يجري الآن من محاولة صياغة دستورنا السوري إلا ترجمة لانتصارهم وهزيمة ثورتنا وشعبنا ودمار بلدنا وتحوله إلى ساحة حرب أهلية, حيث أن المعارضة على لسان أحمد طعمة تخوّل تركيا بتقديم أسماء أعضاء اللجنة الدستورية والنظام خوّل مسبقاً إيران وروسيا بتقديم أسماء لجنتها والمعارضة” الوطنية” كمنصة موسكو, هي حصرياً من اختصاص السيد لافروف وزير خارجية روسيا والمفوض السامي لسوريا المفيدة.

لا يمكن إنكار أجواء الشفافية والحيادية التي شهدتها الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي سبقت موعدها الاعتيادي بأكثر من سنة لاستعجال السلطان العثماني في تتويج نفسه خليفة شرعية لأتاتورك في عهد الجمهورية الحديثة ومحاولته البائسة في تسويق فكرة الاسلام المعتدل المتصالح مع الديمقراطية الغربية, لكن ذلك لا يبرر مسؤولية فشل المعارضة التركية في منافسة العدالة والتنمية, وهذا يعود إلى فقدان المعارضة إلى برنامج إنتخابي يعيد لتركيا حكم القانون ويوسع المناخات الديموقراطية والتعددية ويشرعن للحريات العامة والفردية ويدعو إلى عودة النظام البرلماني ويطالب بإلغاء التعديلات الدستورية التي حصلت في نيسان 2017 لصالح النظام الرئاسي الذي استفتى أردوغان الأتراك عليها وفاز بأغلبية بسيطة في ظل اتهامات المعارضة بتزوير أكثر من مليوني ورقة اقتراع, كذلك سبل إقامة السلام مع حزب العمال الكردستاني عبر الزعيم الكردي أوجلان المعتقل في إيمرالي, لكن تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية HDP حاجز 10% لدخول البرلمان يشكل مناسبة وفرصة لإلتقاط الأنفاس والبحث في تحالفات جديدة تزيد من مساحات العمل السياسي وإعادة إحياء عملية السلام المتوقفة لما سيكون لذلك من إنعكاسات إيجابية على وضعنا السوري على وجه العموم.

كما أن الإحتجاجات الشعبية في إيران على خلفية إنهيار العملة الإيرانية ودعوة المحتجين إلى تحجيم تدخل إيران في الملفات الخارجية لصالح الاهتمام بالشأن الداخلي تشكل رسالة واضحة في إطار أن الوضع الإقليمي لم يعد يحتمل أكثر مما هو عليه وكلفة استمرار الحرب الدائرة في المنطقة باهظة جداً وهي مرشحة لمزيد من التعقيد والتفاقم.

روسيّاً نجاح مونديال كأس العالم في روسيا أهم من حيوات المواطنين السوريين بما فيها حياة رجالات النظام السوري, فمناطق خفض التصعيد التي ضمنتها روسيا تقلصت في الجنوب السوري مع سخونة المواجهات الكروية, والتعهدات التي أطلقتها القيادة الروسية لبقاء الأسد خاضعة للبازار السياسي أيضاً فبقاء الأسد يتعارض مع مضمون قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي وافقت عليها روسيا.

الشأن السوري تم تدويله مبكراَ وما تحول صيغة الحوار بين الدولة الضامنة للتسويات السياسية من هيئة حكم إنتقالي إلى لجنة دستورية إلا أحد البراهين التي تؤكد أن البتّ في الوضع والحل السياسي قد خرج من عهدة السوريين وأن الدول التي أثرت واستثمرت في الوضع السوري وهي (روسيا-تركيا-ايران), صاحبة الكلمة الفصل.

نشر هذا المقال في العدد /80/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/7/2018

 

التعليقات مغلقة.