وحدة الفكرة والموضوع في القصة القصيرة

142

 

 

عندما يشار إلى هذا الموضوع، فهذا لا يعني بالضبط أن تكون للقصة القصيرة فكرة، وموضوع واحد فقط، إنما أن تتجه جميع الأفكار، وتعمل متحدة مع بعضها من أجل التوصل إلى تحقيق الهدف المراد من القصة القصيرة، وذلك من أجل أن تخدم النص، ولا تحرج بالضرورة عنه، وبالتالي تحقق الهدف المرجو منها، وهو الفائدة، وإحداث تغيير في وجهة النظر لدى القارئ إلى الموضوع المتناول، والتأثير فيه، من أجل أن يمارس بالتالي دوره في ذلك الموضوع، ويحاول على إيجاد حل له، في حال إذا كانت هناك عوائق تحول دون تحقيق الغايات الكبيرة، والأهداف العظيمة في الحياة.

ويلعب وعي الكاتب في ذلك دورا كبيراً، فلابد من أن يعي الكاتب الدور الكبير الذي تلعبه القصة في الحياة، وعلى الصعيد الاجتماعي، فيحاول قدر الإمكان التركيز في نصه القصصي على وحدة موضوعه وفكرته، من أجل أن يصبح بإمكانه إنتاج قصة يكون لها بالغ الأهمية، والقدرة على القيام بالدور المنوط بها على أكمل وجه.

ووعي الكاتب يؤدي به إلى حذف كل ما لا يلزم، والتركيز على المناسب جداً، والذي من المستحسن لديه أن يقوم باختياره، ولعل هذا ينسجم مع طبيعة التفكير البشري والإنساني، إذ لابد أن تتجه الأفكار كلها إلى الوجهة والطريقة الصحيحة والسليمة، التي تساعد على تأدية وظيفة الانسجام مع الآخرين، في جميع الحالات، فتشتت الأفكار، وكثرة المواضيع، تبعث على السأم والملل والنفور حتى لدى المستمع، فكيف بنص مثل نص القصة القصيرة.

إذا، لابد لكاتب القصة القصيرة أن يدرك هذا الشرط لها، ويسعى كل جهده في إنتاج قصة ذات موضوع وفكرة موحدة، ليستطيع بلوغ وتأدية المراد.

وهذا التوحد، وتعميق المعنى عبر مجموعة من الأفكار والحوادث الموجودة يجرها إلى أكبر أثر في النفس، إذ تتواشج هذه الأفكار، كل بحسب أهميتها، وما تحتويه من دفقات نفسية واجتماعية وفكرية، وتقوم كل واحدة منها بدروها، لتغوص في أعماق النفس الإنسانية، وتتسرب شيئا فشئيا عبر التوالي المتحد. لأن الفكرة حين تتحد تترك بصمتها في المتلقي، وذائقته الأدبية، فيقبل على النص، ويستسيغه بشكل أفضل، وأحسن.

ولا يمكن لوحدة الموضوع والفكرة للقصة القصيرة أن تكون ناجعة، وناجحة، إن لم تكن ثمرة القناعة بجدواها، وقيمتها، ودورها في الحياة والمجتمع، لذلك لابد أن تتحول تلك القناعة إلى وحدة فعل يقوم الكاتب القاص بتجسيدها على أرض الواقع، ويبعث فيها البحث عن وسائل أكثر جدوى للتأثير في المتلقي..

 

نشرت هذه المادة في العدد /73/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/2/2018

التعليقات مغلقة.