ماذا لو فعلتها أمريكا مع كرد سوريا؟

57

عدم وضوح الموقف الأمريكي كان عاملاً قوياً لقيام النظام السوري وفي أكثر من مكان بالتحرك إلى المناطق الكردية والتي تسيطر عليها القوات الكردية، وهذا ما لم يكن في أجندات النظام السوري قُبيل موضوع (كركوك) والصمت الدولي إزائه”

باتت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق قاب قوسين أو أدنى، والحديث الذي يتم تداوله في الأوساط السياسية الإقليمية منها والدولية عن إمكانية بقاء القوات الأمريكية المتمثلة في التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف بعد نهاية المعركة أم لا مثار جدل واهتمام بالغ.

من المعروف وخلال المتابعة الحثيثة للموقف الأمريكي وبالتحديد إدارة الرئيس دونالد ترامب، يبدو أنه  حتى هذه اللحظة ليس هناك أي موقف واضح ومفهوم فيما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للبقاء بشمال شرق سوريا أم لا؟.

فالموقف الأمريكي المتواري والمكتفي بدعم قوات سوريا الديمقراطية عسكرياً والتركيز على محاربة الإرهاب المتمثل، بداعش، وعدم إبداء موقف صريح حول علاقتها مع الجناح السياسي (الإدارة الذاتية ـ مجلس سوريا الديمقراطية) لقوات سوريا الديمقراطية، يضع المرء أمام تساؤلات كبيرة لدى المواطنين الكرد في سوريا بشكل أساسي، وازدات حدّة هذه التساؤلات أو بالأحرى التخوف من الموقف الأمريكي حيال هجوم الجيش العراقي على كركوك ومناطق أخرى في إقليم كردستان العراق عقب عملية الاستفتاء على الاستقلال في الإقليم الكردي، والتدخل الواضح والصريح للحشد الشعبي المدعوم إيرانياً  واستخدامه لأسلحة أمريكية كانت قد مُنحت للجيش العراقي في مُحاربة تنظيم داعش.

عدم وضوع الموقف الأمريكي كان عاملاً قوياً لقيام النظام السوري وفي أكثر من مكان بالتحرك إلى المناطق الكردية والتي يُسيطر عليها القوات الكردية، وهذا ما لم يكن في أجندات النظام السوري قُبيل موضوع ( كركوك) والصمت الدولي إزائه.

الدعم الأمريكي عسكرياً للكرد سواءً في كردستان العراق أو في كردستان سوريا، شكل ارتياحاً لدى الشعب الكردي في الجزأين الكردستانيين ولكن هذا الارتياح سُرعان ما تلاشى في التدخل الإيراني في كردستان العراق وتمدده الآن في سوريا، وسط صمت أمريكي، والعودة بالكرد إلى تكرار المقولة الشهيرة (لا أصدقاء سوى الجبال).

الموقف الأمريكي الذي جاء على لسان وزير دفاعها، جيمس ماتيس  عن دور أطول أمداً للقوات الأمريكية بعد خسارة تنظيم  داعش لكل الأراضي التي كان يسيطر عليها، ومطالبة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD على لسان رئيسها المشترك، شاهوز حسن، بأن تبقى قوات التحالف الدولي الذي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش موجودة في سوريا لحين التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة، يؤكد مدى خوف الأكراد من ضبابية الموقف الأمريكي في سوريا وبالأخص فيما يتعلق بالكرد، والأمر الآخر عدم اشتراط الكرد على حلفائها في التحالف الدولي وعلى رأسها أمريكا بتقديم ضمانات لهم ما بعد هزيمة التنظيم، إذ يتبن للمتابع أن الولايات المتحدة الأمريكية تركز في سياستها على محاربة الإرهاب وتقديم الدعم العسكري فقط لحلفائها سواءً في سوريا أو في العراق، وعدم ترجمة هذا الدعم سياسياً وهذا ما تم تأكيده لأكثر من مرة من جهة الجهة الكردية التي تحكم المناطق الكردية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي الورقة القوية التي تمتلكها مكونات النظام الفدرالي لشمال سوريا، وعلى رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، لمواجهة أي هجوم من قبل النظام السوري وحلفائه على ما تم انجازه في المناطق الكردية(روجآفا).؟

إذا كانت هذه الورقة التي تمتلكها مكونات الفدرالية – لشمال سوريا هي قوات سوريا الديمقراطية، فبكل تأكيد هي ليست  أكثر تجهيزاً من قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق التي بدأت منذ نحو عشرين عاماً في ظل دولة غير معلنة بتجهيز قدراتها، وحين ما دارت قوات التحالف والأمريكان ظهرها لتلك القوات تلاشت خلال 24 ساعة في كركوك، وبات الإقليم من جهة والتجربة الكردية من جهة أخرى في خطر.

إذاً يمكننا القول أنه لهذه اللحظة لم تقدم الإدارة الأمريكية أية وعود سياسية للحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا، وهذا ما تعلمه القوى التي تحكم المنطقة، وما تخوف حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، الذي يشكل العنصر الرئيسي في  النظام الفيدرالي- لشمال سوريا، من انسحاب متوقع للتحالف الدولي من سوريا بعد هزيمة داعش لخير دليل على أن الإدارة الأمريكية السابقة والحالية لم تعد بأية مكاسب سياسية لأي طرف.

ويعتقد الكثير من المُحللين السياسيين والعسكريين أن التخلي عن الكرد السوريين من قبل الإدارة الأمريكية سيكون تحركاً خاطئاً  لأن قوات سوريا الديمقراطية وعامودها الفقري الـYPG) و (YPJ  أثبتوا قدراتهم وفعاليتهم في المعارك ضد تنظيم  داعش، وإذا ما تخلت فالتحالف الدولي مجبر ليتعاون مع النظام السوري وحلفائه الإيرانيين.

كل ذلك، لكن ماذا لو فعلتها أمريكا مع كرد سوريا وتخلت عنهم في منتصف الطريق؟، بكل تأكيد سيكون الخاسر الوحيد والأكبر هم الكرد والمنتصر الوحيد سيكون حلف إيران وأخواتها ومشروعها التوسعي في المنطقة ليتم تأكيد الزيف الأمريكي بأن إيران هي عدوتها الوحيدة واللدودة.

* كاتب وإعلامي كردي يقيم في عامودا

 

نشر هذا المقال في العدد (70) من صحيفة Buyer تاريخ 1/12/2017

التعليقات مغلقة.