خلافات الخليج «الأمريكي» المتناحر… تثبيت الجريمة!!

108

علي نمر 

يتحكّم الغرب الرأسمالي بالمنظومة العربية ككل؛ منذ السنوات الأولى من استقلالها، وكانت الدول الاستعمارية ومعها أمريكا متفقة دائماً على هذه المنظومة بأشكالها المختلفة، فأوجدت ممالك، وإمارات، وجمهوريات شكلية، على مقاس حكامها، أقصى حدود التعبير المسموح لها التنديد والاستنكار والشجب!!.

ففي البحث عن أسباب توتر العلاقة بين الدوحة ودول الخليج، لا يمكن استبعاد هذا الدور، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل معها كما الوصي على ممتلكاته، وهي حسب مصلحتها في منطقة الشرق الأوسط ترفع من شأن واحدة على حساب الأخرى، بالإضافة لمدى قدرتها على دعم وتمويل الحركات الإرهابية، بدءاً بالقاعدة في أفغانستان، وليس انتهاءً بالتدخل المباشر- والعلني- بالثورة السورية لتكون طرفاً رئيساً في عسكرة الثورة التي بدأت سلمية.

إن ما يجري الآن برعاية الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي مجرد تبديل للأدوار؛ أو بالأحرى سحبٌ للدور القطري الذي كان أكبر من حجمه طيلة السنوات الست الفائتة، بعد أن صدقت نفسها كلاعب إقليمي مهم، وفي تلك المكانة التي كانت تشغلها كلاً من سورية ومصر عربيّاً، والسعودية خليجيّاً.

اتهامات السعودية الموجهة لقطر بشأن دعمها لحركة حماس والإخوان المسلمين تدعو للضحك، لأنها أكثر دولة دعمت الحركات الجهادية، ولعلَّ توقيع الرئيس ترامب على أكبر صفقة أسلحة في التاريخ أثناء زيارته للسعودية تصبّ في الاتجاه ذاته، خاصةً وأن السعودية ليست في حالة حرب؛ أو مواجهة تستدعيّ كل هذه الأسلحة، وهذا يعني أن التصعيد الخليجي – الخليجي نتاج حقيقي ومباشر لتلك الزيارة من خلال رسم جديد لمناطق النفوذ، والذي سيتم على حساب الأزمة العميقة التي تعيشها تلك البلدان. والقضية ليست كما تشاع إعلامياً، لأن ما حصل أكبر من قصة أخبار «ملفقة» نشرت على وكالة الأنباء القطرية بسبب تعرضها للاختراق، في الوقت الذي أهم الإمبراطوريات الإعلامية العربية (الجزيرة، العربية، وسكاي نيوز) تابعة رسميّاً للدول الثلاث (قطر، السعودية، والإمارات) وبإمكانها تلقيّ  تصريحات الأمير القطري قبل أيّة وسيلة أخرى، فما بال القارئ أنها جاءت أثناء عرض عسكريّ!!.

إن وهم العظمة التي عاشتها قطر على دماء السوريين، حان وقت كبحه، لأنها لم تكن راعيّاً شريفاً سواءً من حيث انتصار الثورة وسقوط النظام في كذبها للسوريين؛ أو من حيث إيجاد صيغ التوافق في الوصول- والإسراع- بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تقود المرحلة الانتقالية، تكون كفيلة بتحقيق التغيير الجذري؛ والشامل لبنية النظام، لا العمل بالشعارات الحماسية فقط! وإعادة التجربة التونسية والمصرية، التي أزاحت الرئيس، وأبقت على النظام القائم كما كان سابقاً؛ وأسوأ، لأن تنصيب شخصاً على شاكلة الرئيس عبدالفتاح السيسي ليس إلا إهانة للشباب الذين قاموا بالثورة.

إصرار الخليج «الأمريكي» المتناحر على تبادل تهمة مواصلة دعم وتمويل واحتضان التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، تثبيت لجرائمها المسبقة ماضيّاً وحاضراً، وبموافقة ضمنية من الإدارات الأمريكية، وعليها أن تدفع ثمن ذلك، ومن يرغب «سوريّاً» معرفة الإجابة عن أسباب اندلاع هذا التناحر المفاجئ، والتحوّل في المشهد الجيوسياسي في الخليج، عليه إجراء مراجعة شاملة للوضع السوري منذ بدء الثورة، للتأكد من حجم التدخل السافر للخليج والذي كان له دور فيما نحن فيه الآن.

نشرت هذه المقالة في العدد 63 من صحيفة “Buyerpress”

بتاريخ 15/6/2017

التعليقات مغلقة.