ليست سحابة صيف قطرية

41

عبدالرحمن الراشد

الخلافات بين الدول ألفناها تحدث في كل مكان وزمان، إلا أنها في حالة قطر مؤذية، ومستمرة، وغير مبررة. وكنت أميل للتهوين منها في كل مرة، على أنها سحابة صيف عابرة، لكن، للأسف، أكثر من عشرين عاما برهنت أننا على خطأ.

أول ما عايشتها في ديسمبر (كانون الأول) عام 1990؛ كانت الكويت لا تزال محتلة، ونحو مليون من مواطنيها ومقيميها مشردين، وحكومتها في المنفى. في ذلك الشهر اجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الستة في الدوحة، وخصصوا القمة لموضوع واحد؛ تحرير الدولة العضو المحتلة. إنما صعق القادة عندما أصّر الشيخ حمد بن خليفة على نقاش موضوع يخصه، وكان ولياً للعهد حينها والمدبر لشؤون الدولة. ورفض فتح موضوع تحرير الكويت للنقاش إلا بعد إنهاء خلاف قديم، بينهم وبين البحرين على سيادة جزر حوار. وفوجئنا ونحن نرى باب القاعة يفتح فجأة، والملك فهد، رحمه الله، يسير غاضباً وحمد يحاول اللحاق به. الملك هدده بالانسحاب، والعودة للرياض، وكذلك عّبر بقية القادة. فوجئ الجميع بأسلوبه وتفكيره.

ومنذ ذلك اليوم، وإلى الآن، لا تنتهي مشكلات قطر مع الجميع. ازدادت بعد أن دبر انقلاباً على والده، وزرع الخلافات لعقدين، واستمرت سياسته، وبصماته عليها حتى بعد تكليفه ابنه تميم بالإمارة. بالنسبة للسعودية، صارت الدوحة ممرا ومركزا لخصومها… آوت معارضين يدعون لتغيير الحكم بالقوة، وتبنت التحالف مع إيران و«حزب الله» ورئيس سوريا الحالي لعقد كامل. ثم و ّسعت قطر خريطة خصوماتها حتى أصبحت في مشكلات مع أكثر من نصف دول المنطقة.

لأن سلوكها خطير جدا، صدرت القرارات الأخيرة بقطع العلاقات، مصحوبة بإلغاء كل ما يربط هذه الدول الأربع بالدوحة، والقرار لا يعّبر عن غضب تراكمي، كما قيل، بل عن قناعة أخيرة بأنه لا فائدة ترجى، ولا أمل في إصلاح سلطات الدوحة.

قد تبدو معارك قطر صبيانية… صحيح؛ لكنها في الحقيقة مؤذية، بتمويلها تنظيمات وأفرادا ضد حكوماتهم، وفتح أعداد كبيرة من محطات التلفزيون والمواقع وحسابات التواصل لشن حملات منظمة تدعو صراحة لإسقاط هذه الحكومات بالقوة. وهي الآن تتحالف مع جماعات، مثل الإخوان المسلمين، الذين يريدون لأنفسهم حكماً دينياً ، على غرار نظام إيران، ولم يثنهم فشلهم في الأراضي الفلسطينية ومصر وليبيا واليمن، عن استئناف نشر الفوضى في المنطقة. وآخر المسامير في نعش العلاقة الأسبوع الماضي، بالدعوة لثورة في السعودية بثتها وسائل إعلام الحكومة القطرية.

المصدر: الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.