الكرد وسبل تحقيق الدور المرحلي …

170

” لابد للكرد من العمل بعقلانية وحكمة في التعاطي مع وجهات النظر المختلفة فيما يخصّ مستقبل ودور الكرد في المنطقة؛ وإن لغة الحوار والنقاش هي الأنجح في الحفاظ على الدور الاستراتيجي للكرد في المنطقة، وإلّا فإن أي محاولة للتصادم ما هي إلا خدمة مجانية لأعداء الكرد وقضيتهم ودورهم في المنطقة”

عاكف
كمال عاكف

لقد أثبتت الأوضاع التي آلت إليه باشور كردستان في فترة التسعينيات  من اقتتال أخوي، أن النهج المتبع آنذاك ليس بحلّ سيما أن الأطراف المتحالفة على منع تطور القضية الكردية هي المستفيدة الأكثر مما يحدث في الشارع الكردي، اليوم وبعد حقبة من الظلم والاستبداد الذي تعرض له الكرد، وصلوا إلى مرحلة متقدمة من تمثيل حالة التغيير التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد انهيار الأنظمة المركزية(فكرة وهيكلا) وفشلها الواضح في الاستمرار ضمن المسار الذي كانت عليه منذ المئة عام التي مضت، لقد كان الانتهاج بفكرة الوحدة ضمن الحفاظ على التنوع في المجتمع هي الأكثر تمثيلا للواقع والأكثر قدرة على تلبية حاجة الشعوب، وبالتالي فإن روج آفا وفي تبنيها لهذه الفكرة استطاعت احتواء جميع المخططات التي عملت على تشويه التطورات الكردية؛ لقد استطاع الكرد وبهذا المنطق الانتقام من جميع المحاولات التي عملت على إبادتهم على مرّ التاريخ لا بل قاد الكرد عملية التغيير من خلال قيامهم بإنقاذ باقي المكونات والأطياف من الحال الذي تعرضوا له خاصة في الذهنية التي مزقتها الدول القومية القائمة على اللون والشكل الواحد، في ظل هذه التطورات وما حققه الكرد إضافة إلى انتصارهم الساحق على الإرهاب كان ولا بدّ من تبني الوحدة الوطنية كشعار كردي موحد، وإلّا فإن المكتسبات التي تمّت تحقيقيها في خطر.

 لم تكن الدول المتآمرة على حقوق الكرد كسوريا وتركيا وإيران والعراق جادة في أي وقت بالتقرب من معالجة قضية الكرد وفق سياق يخدمهم كشعب وكتاريخ وكثقافة وكهوية، جميع الدول المركزية في المنطقة والتي تطلق العنان لحل القضية الكردية تريد الحل وفق السياق المناسب لمركزية تلك الدول، وبالتالي تكون تلك المساعي والحلول خادمة للدول المتآمرة أكثر من الكرد نفسهم، هذا في ظل طرح الحل من أجل الكرد.

إن ما حدث مؤخرا في شنكال وقيام طرف باشور كردستان بالهجوم على المؤسسات الذاتية للشعب الإيزيدي في شنكال، هو في خانة الخدمة المجانية للأطراف التي لا تريد للكرد أي مكتسب ثوري ولا تريد أن يطول حال قضيتهم لترتقي إلى مستوى قيادتهم للتغير وإنقاذ الشعوب المسحوقة من المحاولات العدائية من قبل الأطراف المتحالفة على مصائرهم.

من الضروري والمهم نبذ الخلافات الحزبية الضيقة، والعمل على تطوير العمل والتعاون المشترك بمؤتمر وطني يكفل الحفاظ على الانتصارات الكردية في المنطقة، وكذلك التصدي لجميع المحاولات التي تستهدف الهوية الكردية وتعمل على إلغاء دورهم الهام والريادي في المنطقة.

تركيا وبعد فشلها على مدار سنوات في منع تقدم التجربة الديمقراطية في روجآفا، تارة عن طريق دعم التطرف وتارة عن طريق منع مشاركة الكرد في المؤتمرات التفاوضية حول سوريا؛ وأمام تعرّي العلاقة التركية مع داعش كان لابد من تغيير استراتيجيات عزل الكرد بمخططات أخرى من خلال الدفع بجماعات محلية للمطالبة بإدراج القوات العسكرية في روجآفا على لائحة الإرهاب هذا من جانب؛ ومن جانب آخر تعمل على خلق الشرخ داخل الصف الكردي من خلال إذكاء نار الفتنة وتلفيق الاتهامات، وبالتالي الانشغال عن الهدف الأهم والرئيسي وهو تحقيق التقدم في مواكبة التغيير، لابد للكرد من العمل بعقلانية وحكمة في التعاطي مع وجهات النظر المختلفة فيما يخصّ مستقبل ودور الكرد في المنطقة؛ وإن لغة الحوار والنقاش هي الأنجح في الحفاظ على الدور الاستراتيجي للكرد في المنطقة، وإلّا فإن أي محاولة للتصادم  ماهي إلا خدمة مجانية لأعداء الكرد وقضيتهم ودورهم في المنطقة.

نشر هذا المقال في العدد “61″ من صحيفة Buyerpress تاريخ 15/3/2017

 

2

التعليقات مغلقة.