رؤية مختلفة

41
%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%ae%d8%aa%d9%84%d9%81%d8%a9
سوسن علي

سوسن علي 

قد تكون المرة الأولى التي أنتبه فيها على أن المنحدر المفضي إلى بيتي قاسٍ إلى هذه الدرجة، قد تكون آلام المفاصل هي السبب، أجل أن أقدامي تبصر أيضاً، ها أنا لأول مرة أدرك كل هذه العثرات في طريقي، إن أجساد الشباب لا ترى كما هو الحال مع الكهول أمثالي، إن رؤيتهم تتركز في عيونهم فقط، تلتقط صوراً لما حولها وتقفز،  تقفز فوق المنحدرات كالماعز الجبلي، أكاد أصاب بدوار وأنا ألهث متكئا على ركبتيّ مقوّس الظهر هنا في وسط المنحدر.

 في الماضي عندما بنيت بيتي في أعلى التل كنت أنبض حيوية كالغزلان، لم أتخيل أني سأهرم يوما ما إلى هذا الحد، كنت أخطط لما بعد عدة سنوات ” سأحصل على زوجة وأطفال “إلا أني لم أحسب كيف تمرّ سنه واحدة على جسدي.

يا إلهي أعتقد إن كل أحلام الشباب حتى الأكثر عقلانية منها هي ضربٌ من الجنون، ها أنا قد وصلت إلى بيتي الخاوي من جديد، يبدو أكثر وحشه من كل مرة، لا حياة فيه، حتى الأشباح أظنها غادرته، في الماضي كان خاوٍ أيضاً، إلا أني عندما أصله بعد يوم كامل من العمل أشعر بأن الأحلام ترقص به وإن الجنيات تنسج الحكايا قرب سريري، وإن فراشي معطرة كأن عشرات النساء قد مررن به، آآه كيف لبيتي الذي جهدتُ في إعماره أن يخذلني ويتغير إلى هذا الحد، يا لمأساتي.. قدميّ خذلتاني منذ وقت مضى والآن بيتي.

ها أنا أستند إلى الحيط العتيق كما كنت أفعل بالسابق، لا أجد أنه تغير، الجدران كما هي، كما كانت دائما، الأثاث أيضاً يقبع في مكانه منذ وضعته به أول مرة، هل عيناي أيضاً أصيبتا بالتهاب المفاصل حتى بتُّ أرى كل هذه التفاصيل، أم أن روحي الكهلة أصبحت أكثر اندماجا في ما حولها، الكرسي العتيق يشبهها صور الأبناء المعلقة على الجدار، تشبهها، أجل هم أكثر شيء يشبهها، شباب ابتلعهم الحب كروحي التي ابتلعها العمر.

 يرهقني التفكير أكثر من أي شيء آخر، سأغمض عينيّ لأنام، علّ جنيات الأحلام تأخذ كل هذه المرارة من روحي وتبثّ بي حلما جميلا.

نشرت هذه المادة في العدد 53 من صحيفة “Buyerpress”

1/11/2016

14937851_1448361381845370_1278411742_n

التعليقات مغلقة.