ما الذي ينتظره الكرد من الإدارة الأمريكية القادمة؟

50
14686613_1428749710473204_1788474410_n
دلشاد عثمان

دلشاد عثمان

في آخر إحصائية نشرتها جريدة الـ (Real Clear Politics) المتخصصة في نشر الإحصاءات الدقيقة -حول الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المقرر أن تجري في الثامن من شهر تشرين الثاني/ نوفمبرمن العام الجاري- ظهر تقدم ملحوظ للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على حساب منافسها الجمهوري دونالد ترامب، وذلك بفارق سبعة نقاط بعد هبوط شعبية الأخير في الأسبوع الماضي متأثرة بالتسجيل الصوتي الذي تم تسريبه والذي يظهر ترامب متحدثاً بلغة غير لائقة تجاه النساء إضافة إلى فشله في إقناع الناخب الأمريكي بكفاءته لتولي الرئاسة خلال المناظرات مع منافسته الديمقراطية كلنتون، والتي شاهدها ما يزيد عن مائة مليون متفرج.

خلال الفترة الماضية من سباق الانتخابات، كان هنالك إجماع ما بين كافة المرشحين الرئاسيين على قضية واحدة في الشأن الخارجي ألا وهي محاربة تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف باسم داعش، حيث أنّ تلك القضية كانت مطروحة حتى على أجندة المرشح الأكثر معارضة لفكرة الحروب الخارجية المرشح “برني ساندرز”.

إلا أن الموقف الأكثر فهماً وعمقاً لملف داعش كان لصالح المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون ذات الحظ الأوفر حتى اليوم في الفوز خلال الانتخابات القادمة. تمتلك هيلاري كلينتون خبرة واسعة في القضايا السياسية الخارجية، حيث عملت كوزيرة للخارجية وشغلت منصب عضو في مجلس الشيوخ كما أنها كانت السيدة الأولى خلال فترة حكم زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون.

هيلاري ومحاربة تنظيم داعش:

ترى هيلاري كلينتون أن محاربة داعش لن تتم بإرسال الجنود الأمريكيين إلى العراق وسوريا، بل تؤكد وبشكل دائم أن نجاح محاربة داعش يكمن بالتعاون مع حلفاء محليين سواء عن طريق التسليح المباشر أو الدعم الجوي، إضافة إلى تدريب وتسليح تلك القوات. وخلال مناظرتها الأخيرة، أجابت المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون على سؤال موجه لها حول استراتيجيتها لمحاربة داعش قائلة:

“سنعمل على دعم وتسليح المقاتلين الكرد في سوريا لكونهم كانوا الشركاء الأفضل في محاربة داعش” وأضافت أنّها ستدعم قوات البيشمركة الكردية في العراق أيضاً.

بشكل أو بآخر، تعتبر سياسة هيلاري كمرشحة ديمقراطية استكمالاً وامتداداً لسياسية الرئيس باراك أوباما الديمقراطي، إلا أنّ مواقفها فيما يتعلّق بالموقف من روسيا والأسد وداعش، تتصف بالحدّية أكثر، وأعلنت في مناسبات عديدة أنها تدرس خيارات تزويد الكرد بالمزيد من الأسلحة في الفترة المقبلة.

تكشف المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون عن خطتها والتي ستتضمن أيضاً – بالإضافة للدعم الجوي والخبراء العسكريين- تسليح الفصائل العربية السنية والقوى الكردية. هيلاري صاحبة المواقف الحادّة ضد الأسد تعتبر دعم المعارضة “المعتدلة” خطوة على الطريق الصحيح لإزاحة الأسد من الحكم أو على الأقل لإجباره الجلوس على طاولة المفاوضات.

تحديات:

رداً على تصريحات المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، انتقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم خطتها المتضمنة دعم وتسليح المقاتلين الكرد متسائلاً عن جديتها في رؤية تركيا كحليف فعلي للولايات المتحدة الأمريكية وعضو في حلف شمال الأطلسي/الناتو. ولكن وفي المقابل تعي هيلاري تماماً التحديات التي ستواجه خطتها لدعم المقاتلين الكرد، إلا أن القضاء على تنظيم داعش وعلى رأسه البغدادي كان الهدف الأبرز الذي أعربت عنه في مناظرتها الأخيرة والتي قارنته بعملية اغتيال أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والتي كانت هيلاري حينها وزيراً للخارجية وعضو رئيسي في غرفة العمليات التي نفذت العملية.

كيف يمكن الاستفادة من السياسة الأمريكية المقبلة؟

انعسكت الحرب في العراق على السياسية الخارجية الأمريكية بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة وموقفها من الأحداث التي حدثت في بعض دول “الربيع العربي” حيث أن الرغبة الأمريكية تجاه بقاء دورها كشرطي للعالم أصبحت محدودة، إلا أن داعش غير من الواقع الحالي ودفع الولايات المتحدة الأمريكية لتأسيس وقيادة تحالف دولي لمحاربة هذا التنظيم.

وجود الكرد في سوريا كقوة رئيسية فاعلة ومنظمّة في مواجهة داعش والتي ساهمت بدفع التنظيم خارج مايزيد عن 30% من المناطق التي كانت تسيطر عليها، دفعت الإدارة الأمريكية للتغاضي عن التذمر التركي من قيامها بتقديم الغطاء الجوي والدعم اللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية والتي تشكّل وحدات حماية الشعب جزءً رئيسياً منها بالإضافة لمقاتلين عرب وسريان.

محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت في تركيا وما تلاها من تطبيع العلاقات مع روسيا، سمحت للدولة التركية بالتوغل في الأراضي السورية بحجة محاربة داعش مما زاد من احتمالية قيام مواجهة عسكرية بين الجيش التركي من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى. وهو الصراع الذي لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية بحدوثه حالياً مما دفعها بقوة للضغط على الطرفين لتلافي نشوء هكذا صراع والذي من شأنه أنّ يشتت الخطة العسكرية للقضاء على التنظيم.

تركيا والتي تحاول من جهتها التسويق للفصائل المشاركة في عملية درع الفرات كبديل لقوات سوريا الديمقراطية لدى التحالف الدولي، تواجه صعوبة في إقناع التحالف نفسه بأنّ الفصائل المشاركة ليست إلا فصائل معتدلة غير متشددة، بالذات مع وجود قوات من حركة أحرار الشام المتهمة بصلاتها مع تنظيم القاعدة عبر قيادات لها. هذا التحدي يعطي فرصة لقوات سوريا الديمقراطية لتكون حاملاً رئيسياً لعملية “تحرير الرقة” والذي سيدفع تجاه زيادة دعم وتسليح تلك القوى لإتمام العملية.

ما لا تحتاجه خطة القضاء على داعش اليوم هو نشوب أي توتر أو نزاع بين قوات سوريا الديمقراطية والأتراك، وذلك بالرغم من وجود عمليات استفزازية من الجانب التركي بين الفينة والأخرى، من قبيل استهداف القوات الكردية عبر الحدود مصاحباً لرفع سقف التهديدات التركية المتمثلة بالخطاب العدائي تجاه الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى إغلاق كامل المنافذ الحدودية في مناطق الإدارة الذاتية.

يقتضي الحفاظ على فعالية قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل قوات التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش إلى فتح قنوات حوارية جديّة وبرعاية أمريكية بين الجانبين التركي والكردي، بحيث تضمن استمرارية للعملية العسكرية في مواجهة التنظيم وتقديم ضمانات إلى الدولة التركية بعدم تأثير هذه العمليات على “أمنها القومي”.

نُشرت هذه المقالة في العدد (52) من صحيفة “Buyerpress”

2016/10/15

14686579_1428745237140318_625244481_n

التعليقات مغلقة.