اللقاء الروسي التركي ومآلاته

32

“روسيا عداءها تاريخي مع الغرب ولها الكثير من الملفات المتأزمة تدخل في سياق السيطرة على العالم وتركيا التي فقدت مصداقيتها مع الغرب بدعم الإرهاب وابتزاز الغرب في ملف اللاجئين وابتعادها عن معايير الاتحاد الأوربي في التعامل مع قضايا الديمقراطية وحقوق القوميات وحالة صفر أصدقاء التي تعيشها, كل هذه الأسباب وأسباب أخرى تجعل الدولتين تعيدان ترتيب تحالفاتهما على ضوء مصالحهما وأجنداتهما المرسومة”

حكم خلو*

حكم خلو

 يعد الشرق الأوسط ساحة صراع تاريخية لما لأهميته الجيوسياسية واحتوائه على ثروات باطنية وأهمها البترول وألغاز ولم يكن عبثا اهتمام الدول الغربية وروسيا في العصر الحديث بهذه الجغرافيا واعطاءها الكثير من الاهتمام برسم خرائطها وعقد اتفاقات وخلق ودعم أنظمة بما يخدم مصالح هذه القوى وجاءت ثورات ربيع الشعوب كحالة رفض لفشل الأنظمة القوموية وبكل مشاربها في قيادة المنطقة وخلق حالة التعايش السلمي والإقرار بالحقوق المشروعة وتحقيق العدالة في منطقة تعج بالتنوع القومي والديني والمذهبي.

 ولتبدأ عملية تصدع هذه التركيبة وإعادة تركيب تحت أجندات ومشاريع مختلفة ودخل النضال المشروع للشعب الكردي مرحلة جديدة من خلال فرض نفسها كحالة حضارية ورقما لا يمكن تجاوزه في رسم ملامح المرحلة القادمة. وتبقى سوريا نقطة الارتكاز في هذه التحولات من حيث أهميتها وخصوصيتها (تنوعها القومي والمذهبي، الموقع الجيوسياسي) وكان الاهتمام الروسي والتركي ومن بعدها التدخل المباشر على مستوى عال روسيا دعمت النظام للحفاظ على نفوذها الإقليمي في الشرق الأوسط والإبقاء على قاعدتها في طرطوس وتركيا دعمت المعارضة الاسلامية بكل تلاوينها بكل أشكال الدعم لإسقاط النظام والاتيان بالبديل الإسلامي كحالة متماهية معها لتكون إحدى ولاياتها كما حالة اقليم كردستان في مشروع بناء السلطنة العثمانية الجديدة وعلى رأسها السلطان الدكتاتور اردوغان وقطع الطريق أمام أي مكتسب للشعب الكردي وإجهاض نضاله في روجافا وعدم ارتداد تأثيراتها على وضعه الداخلي التركي حيث الجزء الأكبر من جغرافية كردستان مساحة وتعدادا تستعمرها تركيا ويقود الكرد نضالا مشروعا منذ اكثر من ثلاثين عاما هل يكون هذا اللقاء بداية تشكل محور جديد. روسيا عداءها تاريخي مع الغرب ولها الكثير من الملفات المتأزمة تدخل في سياق السيطرة على العالم وتركيا التي فقدت مصداقيتها مع الغرب بدعم الإرهاب وابتزاز الغرب في ملف اللاجئين وابتعادها عن معايير الاتحاد الأوربي في التعامل مع قضايا الديمقراطية وحقوق القوميات وحالة صفر أصدقاء التي تعيشها, كل هذه الأسباب وأسباب أخرى تجعل الدولتين تعيدان ترتيب تحالفاتهما على ضوء مصالحهما وأجنداتهما المرسومة, فالصراع السوري وعلى ضوء القوى المتصارعة لا يوجد آفاق انتصار طرف وما الانتصارات الجزئية لطرف على حساب الآخر الا هي حالة مؤقتة ومكتسبات تدخل في إطار تحسين الموقع التفاوضي للأطراف في المرحلة القادمة لذلك يبدو جليا عدم تورط الطرفين أكثر في الصراع السوري ويأتي إبداء تركيا مواقف أقل حدة تجاه الرئيس السوري أخيرا ضمن هذا المنحى وأتى قطع العلاقات بين البلدين على أثر إسقاط الطائرة الروسية بآثار سلبية اقتصادية على كليهما حيث من المعروف ان تركيا خسرت ما يقارب ثلاثة مليارات دولار في قطاع السياحة فقط عدا عن توقف استيراد الغاز ومشروع خط تركستريم عبر البحر الأسود وتوقف الشركات التركية العاملة في البناء في روسيا.

 أعتقد لكل هذه العوامل نحن أمام تشكل محور جديد وعلينا نحن الكرد ان نجيد القراءة ونعمل ايضا على الاستفادة من هذه التناقضات ونحن في وضع بات العالم بحاجة لنا وخاصة في روجافا كردستان بعد الإنجازات العسكرية العظيمة التي حققتها قواتنا في محاربة الإرهاب……فهل هناك إنجازات سياسية على مستوى العسكرية؟ …أعتقد ذلك.

الرئيس المشترك للمجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة

نُشر هذا المقال في العدد (49) من صحيفة  buyerpress 

2016/8/15

مقالات 2

التعليقات مغلقة.