قراءة في مسودة العقد الاجتماعي لفدرالية روجآفا- شمال سوريا

54
نايف جبيرو
نايف جبيرو

 في ديباجة العقد الاجتماعي ورد بأن العقد الاجتماعي للفدرالية الديمقراطية لروج آفا- شمال سوريا تعتمد على ثقافة آلهة الأم والتراث الانساني للرسل والانبياء والفلاسفة والحكماء الباحثين عن الحقيقة والعدالة وهذا تناقض صارخ يدركه كلّ من درس فلسفة الأديان ومرحلة المجتمع الأمومي ما كتبه الفلاسفة والحكماء وثقافة الرسل والأنبياء حيث كما هو معلوم لدى كلّ دارس بأن تراث الرسل والأنبياء (الثقافة البطريركية) إنما بني على أنقاض ثقافة آلهة الأم والمجتمع الأمومي (عصر الميثولوجيا) كما أن كلاً من ثقافة آلهة الأم وثقافة الانبياء والرسل وثقافة الفلاسفة تناقض بل وتعاكس بعضها البعض في الرؤية في مختلف المجالات وسبل تحقيق العدالة وبالتالي لا يمكن الجمع بين تلك الثقافات المتعاكسة والمتناقضة والعمل بها معاً كأساس واسلوب متبع لتحقيق العدالة الاجتماعية.

 

بداية يمكن القول أنه يتمحور معظم مواد الدساتير (العقد الاجتماعي) المعمولة بها في دول العالم سواءً أكانت دساتير لدول مركزية أو دول فدرالية أو كونفدرالية حول تبيان وكيفية تنظيم العلاقة في مجالات رئيسية وبالخطوط العريضة كمواد دستورية عامة منها:

1- في بداية كل عقد اجتماعي أو دستور تأتي مقدمة ويجب أن تكون متوافقة لما يأتي بعدها من مواد دستورية.

2- وضع الخطوط العريضة أو المبادئ العامة التي تبيّن كيفية تنظيم وإدارة مؤسسات الدولة والمجتمع الفدرالي أو غير الفدرالي والتي تنظم لاحقاً بقوانين أو لوائح قانونية تنظيمية خاصة.

3- وضع الخطوط العريضة التي تبيّن كيفية إدارة العلاقة وتنظيمها ما بين إدارة الإقليم أو الأقاليم وإدارة المركز (العاصمة) والتي تنظم أيضاً بقوانين خاصة ومفصلة لاحقاً.

4- وضع الخطوط العريضة من خلال مواد دستورية تنظم علاقة الإقليم أو الأقاليم مع دول الجوار والعالم الخارجي وبالتنسيق مع المركز (العاصمة) بموجب مواد دستورية تثبت في الدستور العام للدولة ودساتير الأقاليم.

5- وضع مواد دستورية خاصة تتناول كيفية الغاء ورفع المظالم السابقة نتيجة قوانين جائرة بحق فئة أو مكوّن من مكونات الدولة والتعويضات المتوجب دفعها للمظلومين الذين لحقهم الضرر نتيجة تلك القوانين الجائرة وذلك تحقيقاً للعدالة الاجتماعية المنشودة ومثال ذلك (الحزام العربي- الغمر- وإحصاء عام 1962)

6- من المهم معرفة أمرٍ هام ألا وهو أنه وعند وضع المواد الدستورية فإنها تأتي بالخطوط العريضة أو كمبادئ دستورية ثم تفصّل وتنظّم فيما بعد بلوائح تنظيمية وقوانين خاصة بكلّ شأن من شؤون الحياة الاجتماعية والمؤسساتية وذلك لسبب بسيط ألا وهو أن الدستور أو العقد الاجتماعي يعرض للاستفتاء الشعبي ولا يجوز فيما بعد ذلك تغيير تلك المواد ولهذا تأتي على صورة مبادئ أو مواد عامة حتى لا تكون عرضة للتناقض مع التطور المجتمعي بين فترة وأخرى.

والملاحظ من خلال مراجعة مسودة العقد الاجتماعي للفدرالية الديمقراطية لروج آفا- شمال سوريا ومن الناحية القانونية ومن دون البحث والتعليق في الجانب السياسي مع أنه لا يمكن وضع أي دستور أو عقد اجتماعي في أي دولة من دول العالم أو أي مجتمع من مجتمعات المعمورة مع إغفال الجانب السياسي أو فصله عن الجانب القانوني والدستوري كون السياسة والقانون أمران متلازمان لبناء المجتمعات البشرية ورغم هذا ودون البحث في هذا الجانب نلاحظ بعض جوانب الخلل والذي يمكن الإشارة إليها فيما يلي.

1- في ديباجة العقد الاجتماعي ورد بأن العقد الاجتماعي للفدرالية الديمقراطية لروج آفا- شمال سوريا تعتمد على ثقافة آلهة الأم والتراث الانساني للرسل والانبياء والفلاسفة والحكماء الباحثين عن الحقيقة والعدالة وهذا تناقض صارخ يدركه كلّ من درس فلسفة الأديان ومرحلة المجتمع الأمومي ما كتبه الفلاسفة والحكماء وثقافة الرسل والأنبياء حيث كما هو معلوم لدى كلّ دارس بأن تراث الرسل والأنبياء (الثقافة البطريركية) إنما بني على أنقاض ثقافة آلهة الأم والمجتمع الأمومي (عصر الميثولوجيا) كما أن كلاً من ثقافة آلهة الأم وثقافة الانبياء والرسل وثقافة الفلاسفة تناقض بل وتعاكس بعضها البعض في الرؤية في مختلف المجالات وسبل تحقيق العدالة وبالتالي لا يمكن الجمع بين تلك الثقافات المتعاكسة والمتناقضة والعمل بها معاً كأساس واسلوب متبع لتحقيق العدالة الاجتماعية.

2- تتمحور معظم مواد العقد الاجتماعي عن كيفية تشكيل وتنظيم الهيئات والمؤسسات والاتحادات والتعاونيات والكومونات والمجالس وما إلى ذلك ومهامها ووظائفها وبشكل وكأننا نعيش في دولة مستقلة وليس هناك دولة أسمها سوريا أو حدود خارجية مع وجود ما يؤكد في ذات الوقت على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا.

3- هناك بعض المواد التي تتحدث عن كيفية ادارة العلاقة فيما بين الأقاليم الفدرالية والكونفدرالية (هذا ما ورد) مع العلم ان هناك فرق كبير بين النظام الفدرالي والنظام الكونفدرالي ثم ومن دون أي ذكر حول كيفية ونوعية العلاقة مع إدارة المركز (العاصمة)  وهنا يمكننا القول إذا كان القائمون على صياغة العقد الاجتماعي  قد اعتمدوا في الصياغة على الدستور السويسري أفلم يلاحظوا أن هناك في سويسرا دولة المركز حيث نظّم الدستور السويسري العلاقة بين الأقاليم (الكانتونات) والدولة المركزية وخاصة في شؤون الدفاع والعلاقات الخارجية.

4- ورد في العقد الاجتماعي بعض المواد التي تتحدث عن إقامة علاقات حسن جوار مع الشعوب والدول المجاورة لكن دون أية إشارة إلى كيفية تنظيم هذه العلاقات وبالاتفاق والتنسيق مع الدولة المركزية وهنا العقد الاجتماعي وكأنه يتحدث عن علاقة دولة مع دول أخرى وليست دولة فدرالية.

5- لم يأتي العقد الاجتماعي على أية مادة أو إشارة على كيفية رفع المظالم السابقة وإلغاء القوانين الجائرة وإزالة آثارها عن كاهل الشعب الكردي وبصورة خاصة موضوع الغمر والأراضي التي استملكوها نتيجة قوانين جائرة منذ عشرات السنين والتي تعود ملكيتها أساساً للكرد سكان المنطقة إلى جانب قانون الاحصاء لعام 1962 الجائر الذي حرّم مئات الآلاف من الكرد من الجنسية السورية ومن حقوقهم المدنية والسياسية فهل هذا يحقق العدالة الاجتماعية في الوقت الذي نتنازل أو نتغاضى عن حقٍ من حقوق شعبنا ونتقبّل بالظلم الذي وقع على كاهله.

6- في المادة (3) ورد بأن كلّ اللغات الموجودة في الفدرالية الديمقراطية لروج آفا-شمال سوريا متساوية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية, الادارية, التعليمية, الثقافية, وكلّ شعب ينظّم حياته ويسيّر أموره بلغته. والسؤال أين هي اللغة المعتمدة والرسمية لإدارة مؤسسات الإقليم الفدرالي مع العلم بأن اعتماد اللغة الرسمية للإقليم الفدرالي لا يتعارض مع حرية تعليم المكونات الأخرى لغتهم الأم وتلك هي الطريقة المعتمدة في الدساتير الفدرالية.

7- هناك بعض المواد في مسودة العقد الاجتماعي كما هي ظاهر في المواد من 54 إلى المادة 62 جاءت على شكل النظام الداخلي للأكاديميات والتعاونيات والكومونات والمجالس بمختلف أنواعها وهذا مما لا يجوز لأن ذلك تنظّم فيما بعد بلوائح تنظيمية.

8- في معظم دساتير الدول الفدرالية وغير الفدرالية هناك ثلاث سلطات رئيسية هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ولا يهم إن تم تسمية تلك السلطات باسم مجالس أو هيئات لكن المهم هو الفصل بين تلك السلطات الثلاث ودون الانتقاص من قدر وأهمية إحداها لمصلحة السلطة أو السلطتين الأخريين وما جاء في مسودة العقد الاجتماعي الانتقاص من أهمية السلطة القضائية وذلك لمصلحة السلطة التنفيذية أولاً والتشريعية ثانياً مع وجود التداخل بين السلطات الثلاث.

9- وأخيرا وليس آخراً جاء في العقد الاجتماعي بعض المواد بصورة فضفاضة وغير مفهومة ومعرضة لأكثر من تفسير ومثال ذلك المادة (31) والتي تقول: للمرأة الحق في اتخاذ القرارات المعنية بشؤونها. ولا أظن بأن المشرع قد قصد من ذلك القرارات الخاصة بالمشرب والمأكل ونوعية الهواء التي تريد المرأة تنفسها لأن ما عدا ذلك فإن جميع القرارات وخاصة الأسروية والعائلية هي قرارات تشاركية بين الرجل والمرأة وليس لأحدهما التفرد في اتخاذها ومصادرة حق الطرف الآخر.

 

 نشرت هذه المقالة في العدد (48) من صحيفة Buyerpress تاريخ 1/8/2016

 

11165113_541958725977071_7059124043412540130_n117

التعليقات مغلقة.