هنا..الآن..وثمة ما لا يكفي

46

هنا..الآن..وثمة ما لا يكفي

سمر محفوض / حمص
هنا لا صوتَ ينقرُ الزجاجَ بلهفةٍ نحاسيةِ الرنين هنا بمنأى عنِ الأخبارِ العاجلةِ والموجزة يسبحُ شيءٌ ما بالمخيلة.
يتسربُ ماءٌ منِ ذاكرةِ غيمة في لوحةٍ على الجدار,
وتنطفئُ بغتةً علاقةٌ عابرة بين الموجِ وصخرةٍ بالمقدمة هنا..
دخانٌ ناضجٌ في كاملِ حضورهِ السادر.
طائرٌ ضلَّ سربَه, شوقٌ يتثاءَبُ في الفراغ, أنثى عاشقةٌ من ضلعِها
تنتزعُ عاشقاً, فينتظمُ في عبادتِها, هنا أيضاً طيفٌ من أطيافِك يكذبُ الآن بطلاقةٍ يُحسَدُ عليها ..
حقلٌ من رمادٍ ينقلُ كرسَّيهُ من بابٍ إلى بابٍ ليس إلاّ هنا.. في هذا الصباحِ الباكرِ لا تطلبْ شيئاً لنفسِك,
فآلهةُ الحربٍ إما بلهاءَ أو لئيمة.. لا تطلبْ شيئاً لك..
صلِّ لها كي تقطفَ وجوهَها الدمويةَ منا وتمضي إلى أفقٍ يشبهُها..
هنا المدى مفتوحٌ على ضحكةِ موجٍ حنانِ سماء يا موتُ: لا وقتَ لديكَ لتقطفَنا فرادى,
افتح لنا باباً لنصعدَ كلُنا, شاءَ دمعُ الأمهاتِ أو أبى
.. لو أني هناكَ الآن لتنقَّيتُ بماءِ السماءِ مثلَهم
أو لكبّرتُ فجأةً كزهرةِ صمتٍ بين التهافتِ والندى بخمسِ سواقيَ من احتمالاتِ صحوٍ مستحيل تهدرُ بمخيلتي,
أجدلُ بعضَها لأشنقَ فكرةً طارئةً عن حنانٍ ناقصٍ..
هنا مسقطُ اللذةِ الغافيةِ في انتظارِ الهلاك والوقتُ الزلقُ
يزاحمُ ظليَ فيكَ وينفلتُ بالتقصفِ على ما تبقى من شجنٍ
هنا.. الآنَ ودائماً الحنينُ المائلُ العمرُ الأشدُّ انحناءً
الشوقُ لاقترافِ البعيدِ الرغبةُ بالهربِ والرغبةُ في البقاءِ المرِ هنا ..الجغرافيا ..
التي تُنكِرُ شكلَها ورملَها وتهيمُ تماماً.. هنا..
يحدثُ أن تقطِفَنا الغفلَةُ كثمرٍ متوحشٍ انحدارُ العالمِ الكلي ينضجُ الى اكتمالِه كي يزولَ هنا….
نحن وثمةَ ما لا يكفي. للأبرياءِ ..
والضحايا المجانين للصوصِ و السفاحينَ ..والجنونِ للروحِ لا تعرفُ مخرجاً لها من جسدي
فتكادُ تختنق مكررةً سقوطَها داخلي بأمومةِ خيالِها للهذيانِ قلقٌ متنافرٌ لا توازنَ له
إلا بالهذيان لرغبةٍ بالعماءِ والصراخِ بوجهِ السماء ماذا صنعتَ ..وماذا صنعنا…؟
هنا ..يا الله كنتُ سأقولُ , أشياء أخرى لا يتسع لها النص لكن ثمة طفل سوري ..سيخبر الله عن كل شيء.

التعليقات مغلقة.