العقل الكردي بانتظار مرحلة انتقالية – حمزة همكي

48

 

حمزة همكي ‫(1)‬ ‫‬
الكاتب حمزة همكي

بديهي أن لكل مجموعة بشرية ولكل إطار اجتماعي عقل يتميز به عن غيره ، له ملامحه الخاصة به تكونت من مجموعة من التأثيرات أدت إلى تشكل هذا العقل .

كما أنتجت له أدواته التي تتدخل عملياً في صناعة العقل لتلك المجموعة البشرية ، بدوره خضع العقل الكردي ويخضع لتلك العوامل ، لكنه يحتاج إلى وقت إضافي يكون بمثابة فترة انتقالية ، تتبلور فيها أفكارهُ في صورتها المحددة للاتجاهات الايدولوجية بصورة مستقرة مع الخضوع الطبيعي لعملية التطور المستمر والتي هي من صفات العقل الانساني عموماً .

يتسم العقل الكردي بسمة ربما تكون نقطة محورية في تناوله و تحليله للأحداث التي تعنيه ويرتبط بها نفسياً وفيزيولوجيا وهي العاطفة حيث تعتبر كابوساً لا ينفك يلاحقه ، ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتبرز ـ العاطفة ـ كقوة فاعلة ومؤثرة في قراره وتصرفاته فهي ترتقي لتخلق إشكالية متلازمة مع أي تحليل أو رأي هو بصدد طرحه أو الدفاع عنه .

لا شك أنَّ العاطفة لها دورٌ هام لا يمكن القفز فوقه أو التقليل من شأنه كذلك يمكن أن يتم توظيفها لخدمة الصالح العام ولأهداف تخدم القضايا والمسائل التي من شأنها أن تُخرج المجتمع من مأزقٍ ما ، بشرط أن تكون العاطفة مدركة للأهداف والغايات ..!!

لذا فهو ـ العقل الكردي ـ يحتاج إلى فترة وسيطة بين ما يعيشه الآن وبين ما سيعيشه بعد سنوات ، ستأتي تلك المرحلة بعد أن يتشبع بحاجات يفتقدها في أزمته الراهنة ، ثم ليدعها في تلك المرحلة المقبلة جانباً ، بعد أن يضمن وجودها بشكل يبعث على الاستقرار ، على الأقل على مدى مستقبله المنظور ، ستشهد تلك المرحلة عملية فرز إيدولوجي واضحة المعالم والرؤى ، و ربما سنشهد حينها صعود أفكار غير تلك التي هي موجودة في الوقت الراهن ، و ستكون هناك عملية تخلي عن بعض الأفكار وإحلال أفكار أخرى محلها ، أي على شكل غربلة للعقل والأفكار، مع ظهور صراع على المستوى الفكري لإثبات وتثبيت الإتجاهات والذي سيكون من نتائج ذلك الصراع تبلور واضح من حيث الإيدولوجية متزامنة مع حالة سيكولوجية ذكية وواعية ،أي ما يُطلق عليه ( الذكاء العاطفي ) .

والذي يدعوني إلى هذا القول ما نراه على الساحة الكردية في غرب كردستان من التخبط وعدم الاستقرار على رأي أو فكرة معينة ، فالأزمة التي نعيشها على كافة الأصعدة وعلى الخصوص الأزمة السياسية و التي ولَّدت حالة من الصراع على إثبات الوجود عن طريق القوة وأوراق الضغط التي تُلوّحُ بها بين الحين والآخر الاطراف السياسية والتي تجعل المجتمع في حالة صراع مبطن يخشى هو نفسه أن يفصح ما بداخله ، خوفاً على مصيره من الضياع والشتات أكثر فأكثر فهو يحاول الحفاظ على الوضع الراهن كما هو ، دون أية محاولة من شأنها أن تغير من مجريات الواقع والتي قد تؤدي إلى تفككه كلياً .

ونحن هنا أمام مشكلة تعتبر بتقديري أكبر من سابقتها وهي أزمة الأفكار ، حيث يمكن اختصارها في طروحات الطبقة المثقفة والتي بدورها تأثر بصورة مباشرة على عقلية الشارع الكردي باعتبارهم النخبة التي يستقي الشارع منها أفكاره ، فانجرار المثقف إلى حلبة الصراع والخوض في تفاصيلها وتداعياتها واختيارها مبدأ تحليل الأحداث كل حدث على حدى وعدم الربط بين الخطوط الرئيسية ، يحدث حالة من عدم الاستقرار وعدم الخروج برؤية واضحة تحدد قرار المثقف بالمجمل بخصوص الأزمة أو اتجاه سياسي معين ، فهو الآخر أصبح دبلوماسياً يتخفى وراء الأفكار والمفردات التي لا تعبر عن رؤيته الحقيقية ، الأمر الذي يتسبب في تفاقم الأزمة إلى حدِّ التخمة .

ناهيك عن انحياز البعض منهم إلى تلميع صورة إحدى الأطراف السياسية المتناحرة الأمر الذي يُبعد المثقف عن دوره وموقعه الذي ينبغي أن يكون فيه وهو الحياد من القضايا السياسية والنظر إلى الجميع على مستوى واحد من النقد وطرح الحلول المناسبة حتى لو كان الأمل في إمكانية تطبيقها ضئيلاً ، على الأقل هو يضع لبنة في المكان المناسب ويجعل الشارع في موقع المسؤولية .

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.