من هنَّ.. وكيف يتفاعلن مع أزواج امتهنوا العمل السياسيّ؟

199

نتنفرد صحيفة Bȗyerpress وعلى مدى أعدادها القادمة بنشر حوارات خاصّة مع زوجات قياديي الحركة الكرديّة في روجآفا ليتحدّثن عن تجاربهن مع أزواج سلكوا درب السياسة الشائك, والمعاناة التي تعرضن لها في تلك الأيام, بحلوها ومرّها, ومدى المساعدة التي قدمنها لأزواجهن طيلة تلك الفترة العصيبة, إضافة إلى بعض خفايا العلاقة بينهما وكيفيّة تعرّف كلّ منهما على الآخر, مع العديد من النقاط الأخرى التي ستكون محلّ اهتمام القرّاء”. وقفت المرأة الكردية في مرحلة الكفاح السياسي جنباً إلى جنب مع زوجها الذي آثر العمل السياسي – لأجل قضية شعبه – على حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية,فكانت رفيقة الدرب والكفاح؛ سيدات لم يقل نضالهن عن نضال أزواجهن. “أم هوشنك” سيدة سطع نجمها في سماء الحياة السياسيّة في عهد زوجها المناضل الثوري آبو أوصمان صبري؛ بصبرها؛ سيدة رصينة, صبورة, وأم وقور, تقاسمت مع زوجها ما عاناه, من تشرد وغربة وفقر خلال مسيرته الطويلة, ويحكى عنها أنها في الأخيرة – وهو ما جاء على لسان ابنها البكر هوشنك – أنها كانت تغلي الشاي كل صباح إلى درجة كبيرة حتى يقترب في لونه وسماكته من مادة القطران, الأمر الذي أثار فضول الطفل هوشنك ليستفسر عن السبب, فكان جوابها حتى لا ينال منكم الجوع. صورة بسيطة تشرح واقع حال سيدة لم تحمل السلاح ولم تلج أروقة العمل السياسي, لكنها حاربت الزمن الذي أشهر سلاح الفقر والغربة في وجهها ووجه عائلتها الصغيرة طيلة المسيرة النضاليّة لآبو أوصمان صبري, فأثبتت وبجدارة عظمة المرأة الكرديّة. وبعيداً عن الساحة السياسية, وعلى الساحة الثقافية, كانت للأميرة روشن بدرخان بصمة حاضرة في تاريخ المرأة الكردية, المرأة التي ساندت زوجها الأمير جلادت بدرخان في إصدار جريدتيْ “هاوار” و “روناهي” بهدف الحفاظ على الثقافة الكردية.

اعداد: فنصة تمو

 

السيدة شريفة محمد سعيد نجم حرم السيد نجم الدين ملا عمر- سكرتير العام الحزب الشيوعيّ الكردستاني

من مواليد  1960 قرية تل زيارات، وأم لسبعة أولاد، وهم” روجاما، روهات،  بلند آل، صورآل , روج آل؟؟؟؟”.

كان ارتباطي مع السيد نجم الدين ملا عمر عن طريق الصدفة  دون أن يكون هناك سابق معرفة شخصية بيننا رغم وجود علاقة القرابة بحكم الانتماء العشائري”.تقول السيّدة شريفة.

وترى أنّ العمل السياسيّ لابدّ منه لأن السياسة الصحيحة تحلُّ المشاكل وتقود الشّعوب إلى برِّ الأمان, وهو عبء يثقل كاهل حامله, إن لم يكن  قوياً صائباً، فبالعمل السياسي انتصرت وتنتصر الشّعوب والأمم.

وثابرت مع السيد نجم الدين في خندق السياسة، وساندته ووقفت إلى جانبه في عمله السياسيّ, ورغم أنها لم تكن منظّمة في الحزب إلا أنها كانت تستقبل الرفاق وتؤمن الجو المناسب لعقد الاجتماعات بسبب سريّة النضال في تلك الفترة”.

ولا تنكر حصول نوع من الشكوى، نتيجة غيابه المستمر, ولكن الشكوى الأكبر كانت نتيجة المداهمات المخابراتية المستمرة  لمنزلهم بين الحين والآخر فكانت تحدث لدى الأطفال حالة  خوف و قلق شديدين ما كان يجعلهم يخشون أن يؤثر ذلك على حالتهم النفسيّة, سيّما على مستواهم التعليميّ”.

وعن أصعب المراحل التي مرّت بها وعاشتها مع السيد نجم الدين ذهبت وبنبرة تشوبها نوع من الحزن إلى القول:” أصعب مرحلة عشتها معه حين اعتقل من قبل أمن الدولة  السورية في الثمانينات 1988 وتعرّض للتعذيب الذي طال جسده وأحدث صدمات, وآثار الكسر لازالت شاهدة, كما حُرّم من كافّة حقوقه المدنيّة  وبالتالي حُرّم من متابعة عمله الوظيفيّ, الأمر الذي دفع به العمل فلاحاً  لدى المزارعين لمدة 22 عاماً, وخلال تلك السنين رزقت بأولادي الخمسة  وفي ظروفٍ صعبة ولم تتوقف تلك المداهمات لبيتنا و كل هذه المعاناة والمعاندات من القدر لم تثبط من معنوياتنا وبقيت أساند زوجي في عمله؛ علماً أن عائلتي كانت ميسورة الحال, وقد تحملت تلك الظروف القاسية والمريرة في براري الجزيرة لأجل زوجي ” .

وهي غير نادمة على الارتباط بشخصٍ سياسيِّ كونه يعمل لأجل قضيّته الكردستانيّة العادلة .وعن رغبتها في الانخراط في العمل السياسي، أضافت:” انخراط المرأة في العمل السياسيّ في تلك الفترة كان قليلاً جداً وكوني لا أجيد القراءة والكتابة باللغتين العربيّة والكرديّة، فضّلت أن أقوم بواجباتي و بمسؤولياتيّ كربَّة منزل وتربية الأولاد، أما الآن وبعد أن كبر الأولاد وأنهوا تعليمهم الجامعيّ أصبحت عضواً في الاتحاد النسائيّ  الشيوعيّ الكردستانيّ”.

وتؤكد السيدة شريفة إيمانها بأفكار الحزب الشيوعيّ الكردستانيّ كونه حزبٌ وطنيٌ وطبقيٌ كردستاني, له تاريخ عريق تعتزّ به فهذا الحزب يناضل من أجل التحرر الوطني والاجتماعي الكردستانيِّ, على حدّ تعبيرها.

وتبدي السيّدة محمد سعيد رأيها في عمل أحزاب الحركة الكرديّة في مراحل الدفاع عن القضيّة الكرديّة بأن : ” الوضع الحالي يختلف جوهريّاً عن السابق؛ لتطور وسائل النضال وتقارب أطراف الحركة الكردستانيّة من حيث الايجاب فهو يختلف عن الماضي وسلبيّاته, ولا أنكر وجود أحزاب أو جماعات تفضل مصالحها الحزبيّة على المصلحة الكرديّة والكردستانيّة, وأكره جداً التشهير والتجريح الذي يستخدمه بعض الأحزاب ضد بعضها”.

وعن تأثير عمل السيد نجم الدين عمر السياسيّ على حياته العائليّة والاجتماعيّة،  ذهبت السيدة شريفة إلى القول: ” كان زوجي نشطاً جداً ويقوم بواجباته العائليّة والاجتماعيّة بشكل مقبول وإن كانت تحدث بعضاً من النواقص وكان سببه الملاحقات المخابراتيّة ضدّه كونه لم يكن بمقدوره أن يتواجد في الكثير من الأماكن وغالباً ما كان ينجز تلك الواجبات ليلاً فأدى هذا بالتالي إلى حدوث نوع من القصور في أدائه لواجباته العائليّة والاجتماعيّة”.

وقبل أن تختتم السيدة شريفة  حديثها أكدت على عدم حب السيد نجم الدين ملا عمر للأضواء؛  لأن همَّه الوحيد هو  القضيّة الكردستانيّة العادلة وليس شخصه, مضيفةً في نهاية حديثها أنه لم يحدث أنّها انتقدت عمله سواء أكان ضمن إطار عمله الحزبي أم عمله ضمن الحركة الكرديّة ولكن” كنت أنتقده، فقط في الماضي؛ بسبب تدهور أوضاعنا المعيشيّة وتشتتنا في الحقول عند المزارعين لكن مع هذا لم يحدث أنّني حاولت منعه من عمله السياسيّ وكان يقول لي دوماً سترين في المستقبل ثمار نضالنا، وقد تحقق؛ مثل الإدارة الذاتيّة, إقليم كردستان الفيدراليّ وعشرات القنوات الكردستانيّة”.

 

نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 20 بتاريخ 2015/6/1

التعليقات مغلقة.