حوار مع الدكتور محمد البنيّان

77

DSC04623

الدكتور محمد البنيان رئيس الهيئة الوطنية العربيةلـ Bûyerpress

الـ YPG ليسَت قوَّة كرديَّة !!!؟

لا يهمُّني من هو رئيس الجمهورية ولكن يهمُّني ماذا سيفعلْ لأجل الجمهوريَّة ..

المثلثات الأمنية الموجودة هي نقاط سياديَّة سوريَّة ضمن الإدارة الذاتية.

الخارج لا يمثِّل الداخل, المتواجد في الداخل هو صاحب الألم وبالتالي هو من سيكون صاحب القرار …

لا أعتقد أن تنظيم “داعش” هو صنيع مخابراتي سوري/أمريكي, ولو أرادت كانت ستصنعها في مرحلة الثمانينات.

النظام السوري ارتكب أخطاء كثيرة مع شعبه, والإدارة الذاتيَّة قامت بتحويل الاقتتال إلى عمل شعبي مشترك

–         رفضنا مصطلح “روجآفا” وتوصّلنا إلى تسمية “مقاطعة الجزيرة”

–         البداية ستكون عامَّة, قبل اندلاع الثورة السورية كيف كان الوضع السياسي؟

هناك معطيات بالنسبة للوضع في سوريا وهذه المعطيات كانت عبارة عن دلائلَ تشير إلى أنَّ سوريا كانت فعلاً تعيش أزمة حقيقية حتى قبل وقوعها في الأزمة الحاليَّة هذا إن اتّفقنا على مصطلح أزمة, سوريا كانت تعاني من أزمة قبل وقوعها في الأزمة كما قلت قبل قليل والأزمة الحقيقية كانت متمثِّلة بانعدام الامتزاج ما بين الحكومة وما بين الشارع أو الشعب, كان هناك خلل إداري كبير في مؤسسات الدولة الخدميَّة وكانت هناك أخطاء وهي بالطبع أخطاء كثيرة من قبل أجهزة المخابرات التي كانت تتدخَّل على الدوام في بعض الأمور التي كنا نرفضها كعامَّة الشعب وكنا كمعارضة, ضد هذا الكلام جملةً وتفصيلاً, فرع مخابراتي مثلاً يتدخَّل في أمور مؤسسة مدنيَّة خاصَّة, كنا معارضين لهذا الفكر وطريقة التعامل هذه, والأزمة بدأت من خلال استيعاب القوى الخارجية للمعارضة,تلكَ القوى الخارجية التي تعتبرنا بالأساس مستعمرة من مستعمراتها, وفي البداية كنَّا متحمّسين للمعارضة ونحن بالأساس معارضون للخطأ وللفكر الخاطئ وكنا على استعداد للتوقيف والاعتقال كوننا نعارض تهميش الدولة للمواطن والمحسوبيات, في بداية الأزمة كان يوجد لدينا فكر سياسي من الممكن أن يُطرَحَ على طاولة الحوار ولكن بعد أن سارت الأمور نحو التسلّح وضرب البنى التحتيَّة والتدخل الخارجي اختلف الحديث فتحولنا من ناس معارضة للأفكار الخاطئة إلى أناس باتَ همَّها أن تحافظ على فئات المجتمع وإصلاحها وحاولنا أن نكون الخطّ الوسط, لكي لا يحصل اقتتال طائفي/عرقي/عشائري وكي لا يتفكك النسيج السوري, البنى التحتية ليست بأيدينا ولو كانت بأيدينا لكنا حافظنا عليها كونها كانت الهدف الأساسي للقوى الخارجية بأن تقوم بتنفيذ أجنداتها في ضرب البنى التحتيَّة حتى تتمكن من عقد الصفقات فيما بعد, هناك قاعدة ثابتة, في زمن الحرب تتدخل الدول العظمى لبيع السلاح وتفعيل معامل الأسلحة خاصَّتها التي كانت متوقفة بعد الحرب العالمية الثانية,         ومن ضمن الصفقات الأخرى هي ضرب البنية الاقتصادية وهدم الأبنية وممتلكات المواطنين ومن ثم بعد انتهاء الحرب – حيث أن لكلّ حرب نهاية- تأتي هذه الدول العظمى وتستثمر شركاتها الكبرى لإعادة إعمار البلد, إذاً هي لعبة اقتصاد دولي وليست لعبة ثورات أو تحرير شعوب أو دعم ثورات أو ما إلى ذلك, ما هي مصلحة أميركا في دعم ثورة سورية مثلاً؟!

شباك: معارضة الداخل ليسوا عملاء للمخابرات أو من كَتَبَة التقارير, المعارضة الداخلية تريد فقط أن تنقذ المجتمع السوري من الدمار والخراب. والحكومة لم تمنحها مجالاً لأن تعمل بحرية وعاملتها معاملة الندّ في حين أن المعارضة الخارجيّة عثرت على من يساندها ويتبناها.

2- اندرج بعد الثورة السورية مصطلح المعارضة الخارجية والمعارضة الداخليَّة وطبعاً المعارضة الداخلية لم نسمع لها صوتاً في حين أن المعارضة الخارجية عملت على المجال الدولي, برأيك هل معارضة الخارج هي من ورَّطت الشعب السوري بحمام الدم ؟

نعم, هي من ورّطت الشعب السوري في حمام الدم ولكن نحن المسؤولون كوننا قمنا بإعطاء المجال لها بأن تورط الشعب السوري, أنا أحمَّل الحكومة السورية المسؤوليَّة ( حيثُ أننا لا نعوِّل كثيراً على مصطلح النظام السوري) الحكومة السورية هي المسؤولة, كان من المفترض أن تمنح الحكومة السوريَّة حرية أكبر للمعارضة الداخليَّة التي تدرك الحكومة بأنها معارضة غير مسلّحة ولا تملك فكراً تشدديَّاً, طبعاً هناك نظرة لعامَّة الشعب بأنَّ معارضة الداخل هي عبارة عن مجموعة أشخاص ليسوا سوى عملاء للمخابرات أو من كَتَبَة التقارير وهذا الكلام ليس صحيحاً, المعارضة الداخلية ليست عبارة عن جماعة خائنة للبلد وليست عبارة عن مجموعة من كَتَبَة التقارير لدى عنصر من عناصر المخابرات, المعارضة الداخلية تريد فقط أن تنقذ المجتمع السوري من الدمار والخراب, لا يهمني شخصياً كمعارض أن يكون رئيس فرع أمني فلان من الناس ولا يهمني من يكون رئيس الجمهورية, بشار الأسد, أو غيره لأنه في الأساس أنا لا أراه, ولكنني أحترم الكرسي الذي يمثل سيادة سوريا, لا يهمني من هو رئيس الجمهوريَّة ولكن الذي يهمني هو ماذا فعلَ أو ماذا سيفعل لأجل الجمهوريَّة, الحكومة لم تمنح مجالاً للمعارضة الداخليَّة لأن تعمل بحرية وعاملتها معاملة الندّ في حين أن المعارضة الخارجيّة عثرت على من يساندها ويتبناها وهي تلك الدول التي لها أجندات ومصالح فبدأت بدعم هؤلاء الأشخاص, الحكومة كان يتوجَّب عليها أن تُطلِق تيّار إصلاحي مقابل التيَّار المعارض, هذا الأخير الذي كان من المتوقَّع جداً أن يتسلَّح, في زمن مضى ليسَ ببعيد اقترحتُ على مسؤول سوري رفيع المستوى ( وهو الآن في ديار الحق ونحنُ في ديار الباطل ) أن يقوم بإطلاق تيَّار إصلاحي يتكوَّن من الشباب الواعي, لأنَّ المشكلة الرئيسية في سوريا هي مشاكل خدميَّة ومشاكل مواطنين وليست مشكلة من هو الرئيس أو من سيكون الرئيس, المشكلة كانت عبارة عن إدراج مجموعة من الحقوق الجماهيريَّة ضمن الدستور السوريّ, النظام السوري ارتكب أخطاء كثيرة مع شعبه, هذا الكلام صحيح, ولكن الدولة السوريَّة لم تَقُم ببيع القضيَّة للغرب, هناك حدّ يجب أن نتوقف عنده, النظام السوري سوف يتغيَّر ومهما كانت القوة الداعمة للرئيس بشار الأسد فسوف يذهب بنهاية الولايات الدستوريَّة له ولكن كرسي السيادة لن يذهب ومن الواجب علينا أن نحافظ على كرسي السيادة السوريَّة, الخارج لا يمثِّل الداخل, المتواجد في الداخل هو صاحب الألم وبالتالي هو من سيكون صاحب القرار .

شباك:   هناك مصطلحات تم طرحها من قبل الأخوة الكرد في الإدارة الذاتية وتمّ رفضها من قبلناوعلى سبيل المثال تم طرح مصطلح ( روج آفا, نحن العرب لم نقبل بهذا المصطلح, واتفقنا أخيراً على مصطلح “مقاطعة الجزيرة”

3- هل استطاعت الإدارة الذاتيَّة – على الرغم من عمرها القصير – أن تفعل شيئاً تلبي من خلال هذا المشروع احتياجات المواطن؟

سأبدأ من الفكرة, عندما حملنا هويَّة مشتركة تجمع كل أطياف المنطقة فإن هذا باعتقادي هو أوَّل إنجاز, أي بمعنى آخر العمل التشاركي الذي عجزت المؤسسات الكبيرة من أن تحققّه, الإدارة الذاتيَّة حقَّقت أشياء كثيرة للمنطقة وأولها أنَّها قامت بتقريب وجهات النظر والأفكار والرؤى المختلفة, قامت بتحويل الاقتتال إلى عمل شعبي مشترك, ولكن ما هي درجة إنجاز العمل بالنسبة المئوية؟ فهذا موضوع تراتبي زمني سيزيد مع الأيام ولن ينقص, أضف إلى ذلك الإدارة الذاتية أعطت صورة سياسية إلى الخارج ومضمون هذه الصورة هي أنَّه دائماً يتوفَّر مجال لدى الشعب السوري وخصوصاً لدى منطقة الجزيرة في القدرة على تسيير أمورنا ذاتياً وسط الفراغ الأمني والخَدَمي الذي نعيشهُ والحروب التي على الحدود. والإدارة الذاتية باعتقادي أوجدت نواة أول عمل تشاركي ضمن منطقة لها تاريخ وعملنا على تأسيس مثال يُحتَذى به, مثال ديمقراطي لكل سوريا وليس فقط للجزيرة السورية, هناك مصطلحات تم طرحها من قبل الأخوة الكرد في الإدارة الذاتية وتمّ رفضها من قبلنا وقد استقبلوا الرفض هذا بكل رحابة صدر وعلى سبيل المثال تم طرح مصطلح ( روج آفا ), وبالطبع الكردي يتمنى أن يكون هذا المصطلح دارجاً ولكن نحن العرب لم نقبل بهذا المصطلح وأردنا مصطلحاً أعمّ وأشمل يضمّ كل مكونات المنطقة من عرب وسريان وآشوريين وتم التفاوض على هذا الموضوع إلى أن توصلنا إلى تسمية ( مقاطعة الجزيرة), هناك أخطاء في الإدارة الذاتية لكن لنأخذ بعين الاعتبار أنها تجربة جديدة. ونحن قلنا منذ البداية للإخوة الكرد أنه لا يجوز أن تطالب بلغتك الكردية لوحدك, لأنه لمجرد أن تطالب بذلك لمفردك فأنت بذلك تطالب بقوميتك دعونا نطالب بلغتك الكردية معاً, أنا أريد أن يدرس أخي الكردي لغته الكردية في المدارس وأن يتكلم بها دون ضوابط أو قيود, فلمجرد المطالبة لوحده سيثبت أنّه كائن قومي وهذا الأمر يمكن أن يتحوَّل إلى لعبة سياسية بأيدي الخارج, بينما إن طالب باللغة الكردية العربي قبل الكردي سيكون ذلك مطلباً شعبيَّاً شرعيَّاً, يجب أن نوصِل للعالم فكرة مفادها أننا شعب متطابق فكرياً كي نرتقي بمجتمعنا ولكي يُفْرَزَ جيل لا يفكر بالفروقات وأن نكون على يقين بأنَّنا بشر من الممكن أن نتعايش سوياً على نفس الرقعة الجغرافية ومن الممكن أن نعمّم هذه الفكرة ليس على مستوى الجزيرة السورية وإنما نعمّمها على مستوى سوريا ككلّ.

4- الـ YPG قوة كردية, هل هناك قوة عربية تماثل هذه القوة العسكرية؟

أولاً أنا أرفض أن تكون قوة كردية, قد يكون الشارع هو من يقول ذلك ولكن لو كان تعداد التشكيل العسكري للـ YPG”” هو ألف رجل وبينهم رجل عربي واحد, بذلك لا يكون التشكيل كردياً, العرب مشاركون ومتطوعون, وبالطبع الـ “YPG ” ترجمةً تعني ( وحدات حماية الشعب) وبما أنها وحدات حماية الشعب فالشعب ليس كرديَّاً فحسب, الشعب مؤلَّف من مكونات متعددة والـ “YPG” هي لكل المكونات, أجل قد تكون المشاركة الكردية فيها أكثر من باقي الفئات الأخرى ولكن ليس العمل على الأرض لفئة معينة دون أخرى بل العمل هو للجميع, وبالتالي الأصحّ هي قوات حماية الشعب وليس القوات الكردية وللإجابة على التساؤل الأهم: كلا لا وجود لقوة عسكرية عربية مماثلة للـ “”YPG في المنطقة.

شباك: الحكومة السورية من وجهة نظري وحسب معرفتي معترفة بالإدارة الذاتية والدليل على ذلك وجود تنسيق في بعض الأمور على الأقل فيما يتعلَّق الأمور الخدميَّة, هناك خطوط حمراء من قبل الدولة السوريَّة ويتوجَّب على الإدارة الذاتية أن لا تتجاوزها.

5- الحكومة السورية لا تعترف بالإدارة الذاتية, كيف تفسر وجود المثلثات الأمنية التابعة للأمن السوري في المنطقة؟

الحكومة السورية من وجهة نظري وحسب معرفتي معترفة بالإدارة الذاتية والدليل على ذلك وجود تنسيق في بعض الأمور على الأقل فيما يتعلَّق الأمور الخدميَّة, إذاً فالحكومة السوريَّة معترفة بالإدارة الذاتيَّة, الدولة السورية ليست ضد أي مجتمع مدني يدير ذاته وأموره بنفسه وتحت سقف الوطن, هناك خطوط حمراء من قبل الدولة السوريَّة ويتوجَّب على الإدارة الذاتية أن لا تتجاوزها: الخارطة السورية هي من دجلة الى السويداء, الدولة السورية بمكوناتها تابعة مركزياً لدمشق ونحن تابعون لدمشق, العلم السوري ضرورة وكل الأعلام المرفوعة الآن هي أعلام حزبيَّة ولكننا جميعاً نندرج تحت راية واحدة هي الراية السوريَّة, أما المثلثات الأمنية الموجودة هي نقاط سياديَّة سوريَّة ضمن الإدارة الذاتية, نحن لم نتجاوز سيادة سورية وسيادة الدولة ولم نطالب بأقاليم, نحن طالبنا بإدارة ذاتية مرحلية انتقالية إلى أن تهدئ الأمور في سوريا والغاية من كل ذلك أن نخدم المجتمع وأن نلبّي احتياجات المواطن في ظلّ الفوضى والاستغلال.

6- هل سيكون هناك دعم للمؤسسات الإعلامية في المقاطعة من قبل الإدارة الذاتية ؟

القوانين لا تسنّ بين يوم وليلة, وأولويات الإدارة الذاتية هي المراكز الصحية والإغاثية وموضوع المؤسسات الإعلامية حتماً سنوجد لها ضوابط, قد يستغرق الأمر فترة زمنية ولكن الموضوع مطروح, نحن نريد إعلام ينقل صورة حقيقية ولا يثير الفتن.

7- سوريا إلى التقسيم ما رأيك؟

برأيي سوريا تجاوزت مرحلة الخطر وبدأت الأزمة تمر بمرحلة النهاية.

8- يقال أن داعش هو صنيع مخابراتي سوري/أمريكي؟ ما رأيك ؟

هي لم تؤسسها, قد تتحكم بها بباب من الأبواب ولكن لم تؤسسها, وهذا بالطبع ذكاء مخابراتي أو مهنية مخابراتية إن استطاعت اختراق هذا التنظيم, ولكن مسألة أن هذا التنظيم هو صنيع مخابراتي سوري/أمريكي لا أعتقد ذلك, فلو أن المخابرات السورية أرادت أن تصنع لها أجندة إسلامية متشددة كانت ستصنعها في مرحلة الثمانينات.

في السابق لم يكن للمكون الكردي أي حق لدى الحكومة السورية وفي اليوم كون الكرد هم الأغلبية في إدارة المنطقة يقومون بالضغط على العرب وفرض أنفسهم لذلك يقال بأن الإدارة الذاتية يُغلب عليها الطابع الكردي ؟

نعم، هذا الكلام صحيح, كون المبادرة كانت من قبل الكرد، فقد تقدَّم حزب الاتحاد الديمقراطي حاملاً فكراً جديداً متمثلاً بمشروع الإدارة الذاتية ولم يقل بأنه سيعمل على إدارة كردية بل طالب بإدارة مشتركة من كل المكونات بعد تقديمه الدعوة للجميع، أنا لن أنسب أخطاء الغير إلى المكون الكردي الذي ساهم بشكل كبير في صناعة هذه الإدارة، فالباب كان مفتوحاً للجميع وتمت المشاركة من قبل كافة المكونات الأخرى والتي كانت تتصف بالضعف مقارنةً مع المكوّن الكردي، والكرد وبحكم نشاطهم في العمل المؤسساتي لذلك يغلب على الإدارة الذاتية الطابع الكردي.

كلمة أخيرة ؟

هناك أمر يجب أن يكون مجتمعنا واعياً له, نحن بحاجة إلى ثقافة فكرية حقيقيَّة, ولا بد للمجتمع أن يتجه نحو الثقافة الفكرية الخاصة به وليست المصدَّرة وذلك حتى نتمكَّن خلالها من بناء بلدنا, القوميات لم تأتِ سوى بالخراب والدمار, كما ينبغي التركيز على مفهوم العمل الاجتماعي المؤسساتي ضمن بلد واحد لكي نقوم ببناء هذا البلد الذي يستحق منَّا التضحية فعلاً.

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.