الصحافة الاستقصائية .. كشف الحقائق للرأي العام

35

التقاط

يتألَّف كتاب الباحث الأردني د.عيسى محمود الحسن من 10 فصول يدرس فيها مفهوم الصحافة الاستقصائية، وأهميتها وأثرها في الإصلاح والتغيير، وفلسفة الإعلام الاستقصائي، والمصادر والأدوات، ومراحل وأساليب التحري، وأخلاقيات ومسارات التحقيق الاستقصائي، والصحافة الاستقصائية والصحافة التفسيرية، والاستثمار في الصحافة الاستقصائية. إذ كان هذا النوع من الصحافة قد ظهر مع بداية تطور مفهوم ودور الصحافة في المجتمع واتجاهها، في التركيز والتحري عن قضايا معينة خاصة جوانب الانحراف والفساد.

والصحافة الاستقصائية هو مصطلح عمره يزيد على نصف قرن في دول العالم المتقدم، وتحديدًا في الولايات المتحدة وأوروبا، وهو يعني: سبر أغوار الظواهر المجتمعية المختلفة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ومحاولة الوصول إلى عُمقها عن طريق الاستبيان أو دراسة البيانات المتوفرة أو التحقيقات الجنائية أو الحسابية، ابتغاء تجلية حقيقتها أمام الرأي العام وصُنَّاع القرار، أيًّاً كانت هذه الحقيقة..

وأيًا كان مَن يوافقها أو يجافيها. وقد تأسَّست شبكة الصحافة الاستقصائية العالمية في سنة 2001، في شكل منتدىً لتبادل أفضل الممارسات في مجال الصحافة الاستقصائية. وسرعان ما تطوَّر إلى ظاهرة مُـدهشة، إذ ظهر أنَّ أسلوب التحقيق الصحافي الاستقصائي القائم على حكاية ما تنطلق من فَـرَضية، كان منهجاً بصدد التجريب في عدة بلدان.

ومن الأعضاء المؤسِّسين، البروفسور مارك هنتر في جامعة باريس الثانية، وبياثوردسون عضو مجلس إدارة جمعية الصحافيين الاستقصائيين في الدانمارك، ونلز ميولفاد من المعهد الدانماركي للتغطية الإعلامية، وبرانت هيوستن من منظمة «محرِّرون وإعلاميون استقصائيون».

وتعزّزت هذه الشبكة بتأسيس مركز لندن للتغطية الاستقصائية ومدرسته الصيفية السنوية، التي ساعدت على تمثل طرق جديدة في الصحافة الاستقصائية. وتشير أدبيات الإعلام أنَّ مفهوم الصحافة الاستقصائية انطلق منذ الستينيات مع الرئيس تيودور روزفلت، وفريق المنظفين أصحاب الحملة ضد الفساد والرشوة، وأصبح اليوم عملاً مؤسَّسياً، له أصوله ومبادئه يساهم في تغيير الأوضاع..

وهو عمل بحثي كالذي يتطلبه أي تحقيق صحافي لكن في العمق، يشمل كما يرى المؤلِّف عيسى الحسن كشف أمور خفية للجمهور، أخفاها عمداً شخص ذو منصب في السلطة أو اختفت صدفة خلف ركام فوضوي من الحقائق والظروف التي أصبح من الصعب فهمها، وتتطلب استخدام مصادر معلومات ووثائق سرية وعلنية، باتباع أسلوب منهجي وموضوعي بهدف كشف المستور وإحداث تغيير للمنفعة العامة. وإنَّ ما يميِّز الاستقصاء كأسلوب من أساليب جمع البيانات عن باقي الأساليب الأخرى كالملاحظة والمقابلة أنَّ المستبين هو سيِّد الموقف وليس الباحث كما في الأساليب الأخرى.

ولعب المراسلون أدواراً حاسمة في كشف ما يُعرف في ما بعد بأخطر فضيحة في فترة ما بعد الحرب الثانية، حيث تابع الصحافيون في واشنطن قرائن خلَّفتها سرقة في مبنى للمكاتب في «ووترغيت» أدَّت في نهاية الأمر إلى استقالة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.

وكما يقول الصحافي الأميركي الذي يُعتبر من أكفأ الصحافيين الاستقصائيين في العالم سيمون هيرش: «مستقبل الصحافة في صحافة العمق، لذا فإنَّ الصحافة الاستقصائية ضرورة لنهوض صحافة مؤسَّساتنا الإعلامية تحديداً، وهي مبرر لوجودها».

عن البيان الإماراتية

التعليقات مغلقة.